وفى يوم الخميس ثامن عشرين رمضان خرج العسكر المعيّن إلى بندر جدّة، فخرجت تلك التجريدة فى ذلك اليوم وهم ما بين مماليك جراكسة وتركمان، فكان عدّتهم نحو ثلاثمائة إنسان من الفريقين، وكان الباش عليهم شخصا من العثمانية يسمّى حسين أغات الكمولية، فقيل إنهم يتوجّهون إلى السويس وينزلون من هناك فى المراكب إلى البحر الملح حتى يصلوا (١) إلى جدّة، وقد كثرت الإشاعات بفساد الفرنج وتعبّثهم فى البحر على التجّار، وقد حاموا حول بندر جدّة.
وفى شهر شوال كان مستهلّ الشهر يوم الأحد، فطلع القضاة الأربعة إلى القلعة وصلّوا مع ملك الأمراء صلاة العيد، ثم نزلوا إلى دورهم. وبطل ما كان يخلع فى ذلك اليوم من الخلع على قضاة القضاة والأمراء والمباشرين وأرباب الوظائف قاطبة، وزال ذاك النظام العظيم من مصر كأنه لم يكن أبدا. - وفى يوم الخميس خامس شوال، ووافق ذلك أول يوم من بابه، فيه ثبت النيل المبارك على ثمانية أصابع من عشرين ذراعا، وكان أرجح من نيل العام الماضى بذراع وأصبعين، فإنه ثبت فى العام الماضى على ستة أصابع من تسعة عشر ذراعا، وانهبط سريعا فشرّق غالب البلاد. - وفى يوم الاثنين تاسع شوال جلس ملك الأمراء بالميدان وعرض عليه كسوة الكعبة الشريفة والمحمل، وكان يوما مشهودا.
وفى يوم الجمعة ثالث عشر شوال انتهى العمل من مدرسة الشيخ عبد القادر الدشطوطى رحمة الله عليه، التى بالقرب من حدرة الفول، التى تجاه زاوية الشيخ يحيى البلخى، وخطب فى ذلك اليوم بها، فاجتمع هناك الأمراء العثمانية والأمير جانم الحمزاوى وقضاة القضاة الأربعة وأعيان المباشرين ومشاهير الناس. فلما كان وقت الصلاة صعد المنبر قاضى القضاة الشافعى كمال الدين الطويل وخطب خطبة بليغة فى المعنى، فلما انقضى أمر الصلاة أحضر الأمير جانم الحمزاوى زبادى صينى ضمنها سكر وشئ أقسما فطاف بها على الحاضرين، وكان يوما مشهودا. وجاءت هذه المدرسة فى غاية الظرف وذلك ببركة الشيخ عبد القادر الدشطوطى رحمة الله عليه.