للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يظفروا به. ثم أشيع أنهم قبضوا على جماعة من تجار الورّاقين ووضعوهم فى الحديد، وقيل إنهم ممن تعصّب وشهد على المحلاّوى بما قيل عنه، فتنكّد جميع التجّار لهذه الواقعة وصار على رءوسهم الطيرة من التركمان وحوّلوا أمتعتهم من الدكاكين، وصار بقية الناس على وجل خوفا مما يأتى منهم، واستمرّوا التركمان على ما هم عليه من إقامة فتنة عظيمة، والأمر لله تعالى.

وفى يوم الاثنين خامس عشرينه نادى ملك الأمراء فى القاهرة بأن القلعى شيخ سوق الورّاقين (١) يظهر وعليه أمان الله تعالى، وإن لم يظهر بعد ثلاثة أيام وغمز عليه يحرق المكان الذى يكون فيه والحارة أيضا. واستمرّ الأمير كمشبغا الوالى مختفيا لم يظهر.

وقد عيّنوا لهم التركمان خمسة من تجار الورّاقين وشخصا يقال له ابن ظلام شيخ سوق الجملون، وهم الذين شهدوا على المحلاّوى بما تقدّم ذكره وتعصّبوا عليه، واستمرّ ذلك الاضطراب عمّالا بسبب ذلك. - وفى يوم الثلاثاء سادس عشرينه حضر القاضى بركات بن موسى المحتسب، وكان مسافرا نحو جهات الصعيد بسبب ضمّ الغلال وغير ذلك، وكان له نحو خمسة أشهر وهو مسافر. فلما طلع وقابل ملك الأمراء فأخلع عليه قفطان مخمل ونزل إلى داره، فزيّنت له سويقة اللبن ودكاكين الخشّابين.

وفى يوم الأربعاء سابع عشرينه خلع على الأمير كمشبغا الوالى وأعيد إلى الولاية وكان له عدّة أيام وهو مختف لم يظهر بسبب واقعة المحلاّوى، وقد وقع بينه وبين الكمولية وعيّنوا له القتل، فاختفى وأغلق أبوابه أياما، فلما تلافى ملك الأمراء خواطر التركمان وأرضاهم وزاد جوامكهم وخمدت تلك الفتنة، ظهر كمشبغا وأخلع عليه واستقرّ على عادته، فعزّ ذلك على التركمان. ولما حضر القاضى بركات ابن موسى المحتسب ضمن ابن ظلام شيخ سوق الجعلون وخلّصه من الحديد، وألبسه قفطان مخمل وأقرّه فى مشيخة سوق الجملون كما كان، وضمنه فى مال له صورة يرده إلى ملك الأمراء، وكان ابن ظلام صهر القاضى بركات بن موسى، فبذل معه المجهود حتى خلّصه.


(١) الوراقين: الورا.