للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحلاّوى توسيط وراح ظلما.

وفى يوم الجمعة ثانى عشرينه فيه وقع من الحوادث أن ملك الأمراء كان صنع فى الرملة عند القمّاحين تجاه سبيل المؤمنى فلقين خشب نخل كهيئة المشنقة، ووضع فيها حبالا وفيها كلاليب حديد كبار، فأشيع بين الناس أن ملك الأمراء يقصد بعد العيد أن يشنق جماعة من مشايخ العربان، ويشنق جانى بك كاشف الشرقية وأينال كاشف الغربية، ويشنق جماعة من الكمولية ممن كان قتل الأمير يخشباى الذى تقدم ذكر واقعته وكانوا فى البرج بالقلعة. فلما وسّط ملك الأمراء المحلاّوى تعصّب له جماعة من الكمولية والأنكشارية، وجاءوا إلى تلك المشنقة وأرموا الأخشاب التى (١) هناك وقطعوا الحبال وأخذوا تلك (٢) الكلاليب الحديد التى (١) بها، ثم توجّهوا إلى بيت كمشبغا الوالى وقصدوا أن يهجموا عليه، ثم ضربوا النقباء الذين (٣) على بابه، ثم توجّهوا إلى سوق الورّاقين وقصدوا يقتلون الجماعة الذين (٣) كانوا تعصّبوا على المحلاّوى حتى وسّطوه، وكادت أن تكون فتنة عظيمة، وباتوا على ما كانوا عليه من طلب الشرّ مع ملك الأمراء.

وفى يوم السبت ثالث عشرينه ثارت الكمولية والأنكشارية والأصبهانية وطلعوا إلى الرملة وقصدوا نحو المماليك الجراكسة، وكان الأمير قايتباى الدوادار واقفا قدام باب السلسلة، فلما رأى التركمان تزايد الأمر منهم سلّ سيفه هو ومن معه من الأمراء الجراكسة وقصدوا يتقّعوا مع التركمان، فأغلظ التركمان على المماليك الجراكسة، وقالوا لهم: إيش أنتم واقفين تتفرّجوا علينا، نحن فى بعضنا نفتصل إيش دخلكم بيننا؟ ثم انفضّ ذلك الجمع على غير رضى ونزل كل أحد إلى داره.

ثم إن التجّار نقلوا أمتعتهم من الدكاكين خوفا من النهب، واختفى غالب تجار سوق الورّاقين من المتعيّنين الذين (٣) كانوا تعصّبوا على المحلاّوى. - وفى يوم السبت المذكور توجه جماعة من الأصبهانية والأنكشارية إلى بيت شخص من تجار الورّاقين يقال له كريم الدين البلدى، فنهبوا كلما فيه وقبضوا على أولاده ونسائه وعبيده وجواره


(١) التى: الذى.
(٢) تلك: ذلك.
(٣) الذين: الذى.