للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من مراكب الفرنج، يعبثون على التجّار ويقطعون عليهم الطرقات، فلما بلغ ملك الأمراء ذلك عرض جماعة من المماليك الجراكسة وغيرها وعيّن منهم نحو ثلاثمائة مملوك وكمولى، يتوجّهون صحبة الحجّاج ويقيمون بجدّة خوفا من أن يطرقها بعض الفرنج على حين غفلة. - وفيه أشيع بين الناس أن قاسم الشروانى الذى كان قد استقرّ فى نيابة جدّة، جمع المال الذى تحصّل من جدّة فوضع يده عليه، وأخذ المكاحل التى كانت هناك والسلاح ونزل فى مراكب وتوجّه نحو بلاد هرمز، فتنكّد ملك الأمراء لهذه الأخبار الرديّة. - وفيه حضر شخص يقال له الكاخية أرسله ابن عثمان يقيم بمصر عوضا عن أغات الأنكشارية الذى كان بمصر، فإنه أراد الحج فى هذه السنة إلى بيت الله الحرام.

وفى يوم الثلاثاء تاسع عشر رمضان قبض على شخص من تجار الورّاقين يقال له المحّلاوى، وكان قبيح (١) السيرة مشهورا بأكل الربا، وقد أنهوا فى حقّه بأنه يبيع الخمر والمعجون للتركمان فى شهر رمضان، وقد شهد عليه جماعة من الورّاقين بذلك، فلما عرض على ملك الأمراء بالميدان رسم بتسليمه إلى الوالى حتى يحرّر ما يكون من أمره، فتسلّمه الوالى ونزل به إلى داره ليعاقبه حتى يقرّ بما قيل عنه من بيع الخمر والمعجون، وقد وعده ملك الأمراء بالشنق بعد العيد. فلما نزل به الوالى إلى بيته قصد أن يكتب بسيرته محضرا فجاء إليه جماعة من الأنكشارية من أصحاب المحلاّوى الذى كان يبيعهم المعجون، فمنعوا الوالى من ذلك وأغلظوا عليه فى القول، ثم توجّهوا إلى سوق الورّاقين وضربوا التجّار الذين (٢) تعصّبوا على المحلاّوى وقصدوا نهب السوق فأغلقوا التجّار دكاكينهم قاطبة. - فلما كان يوم الأربعاء عشرين رمضان طلع التجّار إلى ملك الأمراء وأخبروه بما جرى من الأنكشارية، فحنق منهم ورسم للوالى بأن يوسّط المحلاّوى على باب الميدان، فوسّطه هناك مسرعا، ولم تنتطح فى ذاك شاتان.

ثم قبضوا على عبد المحلاّوى فادّعى أنه قد أعتقه أستاذه قبل أن يتوسّط، فقطع الوالى أذنه وأطلقه إلى حال سبيله، فعدّ ذلك من الحوادث المهولة، وما كان يجب على


(١) قبيح: قبح.
(٢) الذين: الذى.