للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت توجّهت إلى مكّة وجاورت بها، فتوفيت هناك. - ويوم الخميس سلخ الشهر كانت ليلة رؤية (١) هلال شهر رمضان، فتوجّه قضاة القضاة إلى المدرسة المنصورية التى بين القصرين، وحضر القاضى عبد العظيم المحتسب، فلما رؤى الهلال وانفضّ المجلس قام القاضى عبد العظيم وركب من المدرسة المنصورية، فلاقته الفوانيس والمشاعل من هناك، وعلّقت له القناديل على الدكاكين، وأشعلت له الشموع ومشت قدّامه السقايين بالقرب كما كان يصنع القاضى بركات بن موسى المحتسب، فاستمرّ فى هذا الموكب الحفل من بين القصرين إلى بيته الذى فى باب النصر والرسل قدّامه بالشموع الموقدة، وكانت تلك الليلة من الليالى المشهودة فى الفرجة والقصف، وفيه يقول الأديب ناصر الدين محمد بن قانصوه:

كعب عبد العظيم كعب رخاء … ريح تسعيره الرخّى رخاء

باشر الحسبة الشريفة فى المح … ل فراح الغلا وجاء الرخاء

من كذا كعبه لذى المحل خصب … وهو طبّ للداء فيه دواء

دام فيها مدبّر الحكم بالحك … مة ما قابل الصباح المساء

فهما ذى وذا سماء وغيث … نعم غيث به تجود السماء

وفى شهر رمضان كان مستهلّ الشهر يوم الجمعة، فطلع القضاة الأربعة وهنّوا ملك الأمراء بالشهر. - ومما وقع فى ذلك اليوم أن قاضى القضاة الشافعى كمال الدين الطويل تكلم مع ملك الأمراء فى ذلك المجلس بسبب نقيبه نور الدين على الميمونى، وقد تقدّم القول أن ملك الأمراء نفاه إلى دمنهور كما تقدّم، فلما كلّمه القاضى الشافعى بسببه رسم فى ذلك المجلس بإعادته إلى مصر، بشرط أن يكون بطّالا ولا يتكلم فى النقابة بباب القاضى أبدا، ومنع بقية القضاة أن لا يجعلوا لهم نقباء على أبوابهم، ثم انفض المجلس على ذلك وقامت القضاة. - وفى يوم الثلاثاء خامس رمضان كان يوم النوروز، وهو أول السنة القبطية، سنة خمس وعشرين وتسعمائة الخراجية.

وفيه قدمت الأخبار من مكّة بأن فى البحر الملح حول جدّة نحو من أربعين مركبا


(١) رؤية: رؤيا.