للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى مدرسة السلطان الغورى. فلما طلع النهار من يوم الاثنين تاسع عشرينه ركب من هناك وطلع إلى عند ملك الأمراء وقابله، فأخلع عليه قفطان مخمل أحمر مذهبا ونزل من عنده وشقّ القاهرة فى موكب حفل، وقدّامه أعيان المباشرين، وقدّامه جماعة من الأنكشارية مشاة يرمون بالنفوط، فكانوا نحو مائتى إنسان، فشقّ القاهرة الزينى بركات وهو لابس عمامة هوارية على زمط وهو ضارب لثام (١).

ثم أشيع بين الناس أن الحجّاج قاسوا فى هذه السنة مشقّة زائدة من الغلاء وموت الجمال وقلّة العليق، وكانت سنة صعبة شديدة بفساد العربان والغلاء، وقد منعوا مبشّر الحاج من الدخول إلى القاهرة، فلم تعلم أخبار الحجّاج إلا عند دخولهم إلى القاهرة. ثم أشيع وفاة الطواشى الأمير بشير رأس نوبة السقاة، وكان قد توجّه إلى المدينة الشريفة من حين دخل ابن عثمان إلى القاهرة، فتوجّه صحبة قاضى القضاة الشرفى يحيى بن البردينى شيخ الحرم النبوى، فأقام هناك إلى أن مات ودفن هناك بالمدينة، وأشيع موت آخرين من الأعيان. وكان غالب الناس قطع وجزم بعدم عود الزينى بركات بن موسى إلى القاهرة، فإنه حمل فوق ما لا يطيق كون أنه طلع إلى الحجاز أمير حاج، وكان هذا وظيفة الأمراء المقدّمين، وكانت هذه السنة شديدة صعبة من فساد العربان فى طريق الحجاز وشدّة الغلاء وموت الجمال، فأعانه الله تعالى على ذلك ورجع مع السلامة.

وفيه وقعت حادثة غريبة وهو أن جماعة من الأصبهانية تغايروا على صبيّة، فلما توجّهت إلى غيرهم كبسوها بالوالى فى ذلك المكان الدى كانت فيه، وزعموا أنها كانت عند شخص نصرانى، فقبضوا عليها وعلى ذلك النصرانى، فلما عرضوا على ملك الأمراء رسم بأن تعرّى المرأة من أثوابها، وأن يكتّفوا أيديها وأرجلها، وأن تربط من رجليها فى ذنب إكديش وتسحب على وجهها من الكدّاشين إلى باب زويلة، ففعلوا بها ذلك وشقّوا بها من القاهرة وقصدوا شنقها على باب زويلة فقيل إنها ماتت فى أثناء الطريق، وقيل بل غرّقوها فى البحر عند الجزيرة الوسطى، ومضى أمرها وقد قاست ما لا خير فيه حتى ماتت.


(١) لثام: لثمام.