للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنه لم يكن، ولم يخلع فيه ملك الأمراء على أحد من أرباب الوظائف ولا خلعة، حتى ولا على قضاة القضاة، ولا على أحد من المباشرين، ولا على الأمير قايتباى الدوادار، وبطل ما كان يعمل فى يوم العيد من تلك (١) المواكب الجليلة والخلع والمثمّرات والتشاريف السنية، وبطلت تلك الطرز اليلبغاوى العراض والفوقانيات الحرير الأخضر، وبطل أشياء كثيرة كانت من شعار المملكة. ووقع (٢) لى فى المرثية التى قلتها فيما جرى فى مصر، وقد قلت فيها من أبيات فى معنى ذلك، وهو قولى:

لهفى على أعياد مصر كيف قد … بطلت تشاريفا بها ومثمّرا

وكذا الكنابيش التى قد زخرفت … كانت تشدّ خيولها عند السرى

وكذا السروج المغرقات بلمعها … كانت كبرق أو كليل أقمرا

زالت محاسن مصر من أشياء قد … كانت بها تزهو على كل القرى

ثم نزل الزينى بركات بن موسى من القلعة فى موكب حفل وقدّامه الملالية، والمشاعل بالفوطة الزركش عليها، والأنكشارية بالنفوط قدّامه والقواسة قدّامه مشاة، فشقّ من القاهرة فى ذلك الموكب. - وفى يوم الخميس ثانى شوال طلع أعيان جماعة من المباشرين إلى القلعة على جارى العادة، فلما تكاملوا أخرج إليهم ملك الأمراء مرسوم الخندكار ابن عثمان بأنه أرسل هذا المرسوم على يد صوباشى من العثمانية الذى تقدم ذكر حضوره من البحر الملح، فكان من مضمون ذلك المرسوم أنه أرسل يطلب خمسة من المباشرين يتوجّهون (٣) إلى إسطنبول وهم: العلاى على ناظر الخاص والشرفى يونس النابلسى الأستادار والقاضى بركات أخو شرف الدين الصغير كاتب الرجع والقاضى فخر الدين بن عوض والقاضى أبو البقا ناظر الاسطبل، وأرسل يطلب الأمير يوسف البدرى الوزير الذى كان كاشف الغربية، وأرسل يطلب الشرفى يونس نقيب الجيش، فلما تحقّقوا ذلك اضطربت أحوالهم ورسّموا عليهم بالقلعة وقالوا لهم: اكتبوا وصاياكم ويوم الجمعة تسافروا من البحر.

ثم فى ذلك اليوم أخلع ملك الأمراء على القاضى شهاب الدين بن الجيعان


(١) تلك: ذلك.
(٢) ووقع: وقع.
(٣) يتوجهون: يتوجهوا.