للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمراء يصبح وهو مخمور، فيحكم بين الناس بالعسف والظلم ما لا يسوغ (١) الشرع فى محاكماته، وكان الغالب عليه الجهل وقلّة الدين فى أفعاله كلها.

وفى يوم الخميس خامس عشرينه حضر شيخ العرب عبد الدايم بن بقر، وكان ملك الأمراء أرسل إليه بمنديل الأمان وخلعة بأن يستقرّ فى شياخة الشرقية، فلما أن حضر وقابل ملك الأمراء تقدّم إليه والده شيخ العرب الأمير أحمد بن بقر ومسك ابنه عبد الدايم من طوقه بين يدى ملك الأمراء، ثم التفت إلى ملك الأمراء وقال له:

يا ملك الأمراء متى أطلقت هذا صار فى ذمّتك إلى يوم القيامة وأخرب الشرقية عن آخرها. فتعصّب للأمير أحمد خير الدين بك نائب القلعة وقال لملك الأمراء: إذا كان أبوه يشكى منه فكيف تطلقه أنت؟ فساعده على ذلك سنان باشاه، فما وسع ملك الأمراء إلا أنه وضعه فى الحديد وسلّمه إلى خير الدين نائب القلعة.

ثم إن ملك الأمراء قبض على جماعة عبد الدايم الذين (٢) كانوا حضروا صحبته قاطبة، فقيل كانوا نحوا من ثلاثين نفرا من أعيان العربان من جماعته، ووضعهم فى الحديد وأرسلهم إلى السجن، ثم أحضر قفطان حرير وأخلعه على الأمير بيبرس بن الأمير أحمد بن بقر وقرّره فى مشيخة الشرقية عوضا عن عبد الدايم. وقد سرّ بمسك عبد الدايم كل أحد من الناس، فإنه كان من المفسدين فى الأرض ووقع منه أمور شنيعة من حين دخل ابن عثمان إلى مصر، فقطع الطريق على القفول التى (٣) تأتى من الشام وقتل التجار وأخذ أموالهم، وقتل جماعة كثيرة من المماليك الجراكسة الذين (٢) كانوا قد طفشوا فى البلاد وأخذ سلاحهم وخيولهم، وقد فعل من هذه الأفعال القبيحة ما لا يحصى عددها، ووضع يديه على خراج بلاد الأوقاف واستخرجها، وفعل من هذا النمط أشياء كثيرة. ثم إن ملك الأمراء أرسل ضرب الحوطة على موجود عبد الدايم من صامت وناطق، حتى على سواقيه وزروعه ومواشيه وثيرانه وأبقاره وغير ذلك، والذى خبث لا يخرج إلا نكدا.

وفى يوم السبت سابع عشرين شهر رمضان ثبت النيل المبارك على ستة أصابع


(١) يسوغ: يصوغ.
(٢) الذين: الذى.
(٣) التى: الذى.