وقد أثنوا على ناظر الخاص فيما فعله بالحجّاج فى الطريق من البرّ والصدقات وفعل الخير، وكان إذا رأى أحدا من الحجّاج منقطعا يركبه على جماله، وينعم عليه بالماء والبقسماط، فى الطلعة والرجعة، فرجع الحجّاج وهم عنه راضيون فيما فعله بهم، وقد رفق بهم فى مشى الركب بسبب المنقطعين من الحجّاج، وقد أثنوا عليه خيرا فى هذه السنة.
وفى يوم الأربعاء تاسع عشرينه دخل إلى القاهرة الأمير قانصوه العادلى كاشف جهات الشرقية، وكان أشيع عنه العصيان من حين تعيّن إلى السفر، فأتى حتى يبطل عنه تلك الإشاعات. - فلما طلع يوم الخميس إلى القلعة أخلع عليه ملك الأمراء خاير بك قفطان مخمل مذهبا ونزل يعمل يرقه. - وقد مضى هذا الشهر وعسكر ابن عثمان فى خلف بينهم بسبب السفر إلى الشام، واستمرّت الأنكشارية فى أمر العصيان عن السفر، وصاروا يكبسون عليهم البيوت والحارات ويقبضون على جماعة منهم، وصاروا يقبضون على نسائهم التى تزوّجن بهن من مصر، وحصل لهن الضرر الشامل بسبب ذلك.
وفى صفر الخير كان مستهلّ الشهر يوم الجمعة، فطلع قضاة القضاة إلى القلعة، فهنّوا ملك الأمراء خاير بك بالشهر، ورجعوا إلى دورهم. - وفى ذلك اليوم خرج جماعة من الأنكشارية والأصبهانية من الطائعين منهم دون العاصيين الذين (١) هربوا كما تقدم، فخرجوا صحبة القصّاد الذين (١) جاءوا بطلبهم من الشام، حسبما رسم الخندكار سليم شاه بن عثمان، قيل إنه أرسل يطلب ألف إنسان من أصبهانية، ومن الأنكشارية أربعمائة إنسان. - وفى يوم الاثنين رابع صفر خرج بقية العسكر العثمانى الذى تعيّن للسفر، وخرج الأمراء المعيّنون إلى السفر وهم: أرزمك الناشف أحد المقدّمين والأمير قانصوه العادلى كاشف الشرقية والأمير تمرباى العادلى والأمير خشقدم الأشرفى الذى كان شاد الشون أيام السلطان الغورى، فلم يشعر بخروجهم أحد من الناس، ولم يطلّبوا طلبا على جارى العادة، فلما خرجوا توجّهوا إلى الريدانية