للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أنذر، وقد ثبت عندكم أننا كفرة، وثبت عندنا أنكم فجرة، والله يلقى الكفرة على الفجرة».

«فأسرعوا إلينا بالجواب، قبل أن تضرم الحرب نارها، وترميكم بشرارها، فلا يبقى (١) لكم جاه ولا عزّ، ولا يعصمكم منا حصن ولا حرز، ونترك الأرض منكم خالية، والمنازل خاوية، فقد أيقظناكم، إذ حذّرناكم، فما بقى لنا مقصد سواكم».

«وقد حذّرنا قبلكم أهل بغداد بمثل ذلك، فما سمعوا، فجرى عليهم ما سمعتم به، وقتلنا خطيبهم الذى يزعمون (٢) أنّه الخليفة، وخربنا بلادهم، ونهبنا عدادهم، وهذا آخر كلامنا لكم، والسّلام علينا وعليكم، وعلى من اتّبع الهدى، وخشى عواقب الردى».

[وكتب له فى آخر هذه المطالعة، هذين البيتين وهما:

أين المفرّ ولا مفرّ لهارب … ولنا البسيطان الثرى والماء

ذلّت لهيبتنا الأسود وأصبحت … فى يدنا الأمراء والخلفاء] (٣)

فلما سمع الملك المظفر هذه العبارة، خرج من الطارة، وجمع الأمراء، واستشارهم فيما يكون من أمر هولاكو، وقال: «إن تأخّرتم عن قتالهم ملكوا الديار المصرية، وفعلوا بنا كما فعلوا فى بغداد».

ثم إنّ الملك المظفر حبس قاصد هولاكو، وأخذ فى أسباب خروجه إلى هولاكو، ونادى بالنفير عامّا إلى الغزاة فى سبيل الله؛ ثم عرض العسكر، وأرسل خلف عربان الشرقية والغربية، فاجتمع عنده من عساكر مصر نحو أربعين ألفا.

ثم أخذ فى أسباب جمع الأموال، فقرّر على كل رأس من أهل مصر والقاهرة، من كبير وصغير، دينارا واحدا؛ وأخذ من أجرة الأملاك شهرا واحدا؛ وأخذ من


(١) يبقى: يبقا.
(٢) يزعمون: يزعموا.
(٣) وكتب … والخلفاء: كتبت فى الأصل على هامش ص ١٥٥ ب.