للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى يوم الخميس تاسع عشر ذى القعدة وقع بالقاهرة اضطراب عظيم، وغلقت أبواب المدينة قاطبة، حتى غلقت أبواب الدروب والخوخ، وأقامت الأبواب مغلوقة إلى ضحوة النهار (١) ثم فتحت بعد ذلك، وأشيع أن حسن بن مرعى (٢) شيخ عربان البحيرة الذى كان سببا لمسك السلطان طومان باى، فتحيل عليه السلطان سليم شاه بن عثمان حتى قبض عليه وقيّده بقيدين، وأودعه فى الاعتقال فى طبقة عند باب القلّة، ووكل به جماعة من العثمانية يحفظونه، فأقام على ذلك مدّة وغافلهم وبرد ذلك القيدين بمبرد وتدلّى بحبل من السور (٣) الذى بالقلعة، وهرب بعد العشاء من القلعة، فلما بلغ ملك الأمراء خاير بك هروب حسن بن مرعى من القلعة تنكّد لذلك غاية النكد، وهرب حسن بن مرعى وفاز بذلك.

وفيه وردت الأخبار من الشام بأن لما أقام بها ابن عثمان وقع بها فى [تلك] الأيام وخم عظيم، ومات فيه من عسكر ابن عثمان جماعة كثيرة نحو ألف وخمسمائة إنسان من ذلك الوخم، وأشيع موت حليم جلبى فقيه ابن عثمان ونديمه، وأشيع موت أخى حليم جلبى أيضا، ومات من أمرائه جماعة كثيرة. وأنه (٤) وقع بالشام غلاء عظيم حتى وصلت كل عليقة إلى خمسة أنصاف، ووصل سعر الرغيف الخبز نصف فضة، وأن عسكره تقلّق من الغلاء والوخم وتفرّقوا عنه فى الضياع والجبال. وأشيع أن عسكر ابن عثمان أخرب غيطان الشام ونهب الفواكه من على الأشجار، ورعت خيولهم فى الغيطان وأكلوا أوراق الأشجار، وطردوا الناس عن بيوتها وسكنوا بها، وأخربوا غالب بيوت الشام، وحصل منهم لأهل الشام غاية الضرر أكثر ما حصل منهم فى حق أهل مصر من الفساد بها.

ومن الحوادث الشنيعة ما وقع فى هذا الشهر، أن جماعة من المباشرين بالديوان المفرد منهم يونس النابلسى الأستادار وفخر الدين وأخوه شرف أولاد ابن عوض وبركات أخو شرف الدين الصغير وأخوه شرف الدين وأبو بكر بن الملكى مستوفى ديوان الجيش وبركات بن موسى وعلاى الدين ناظر الخاص وعبد العظيم أستادار


(١) النهار: نهار.
(٢) مرعى: موعى.
(٣) السور: الصور.
(٤) وأنه: وأن.