للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقرب من سبيل علان، فقطعوا الطريق على جماعة من الفلاّحين معهم جمال محمّلة قمح وبطيخ، فأخذوا منهم نحو أربعين جملا وذهبوا بهم إلى الجبل ومضوا بهم، ولم تنتطح فى ذاك شاتان، فلما بلغ ملك الأمراء ذلك تنكّد غاية النكد بسبب ذلك، فلما ذهبت العرب بالجمال أتت الفلاّحون إلى بين يدى ملك الأمراء واستغاثوا بين يديه وبكوا، فقام من وقته وهو منكّد وطلع إلى القلعة بعد العصر، ولم يطلع من يده شئ فى ردّ الجمال من أيدى العرب إلى أصحابها.

وفى يوم الثلاثاء عاشر شهر ذى القعدة حضر إلى الأبواب الشريفة شيخ العرب عبد الدايم بن شيخ العرب أحمد بن بقر شيخ عربان الشرقية، وقد حضر بالأمان (١) من ملك الأمراء خاير بك، وكان أرسل إليه بمنديل الأمان على يد الأمير قانصوه العادلى كاشف الشرقية، فلما توجه إليه تلطّف به فى الكلام ولا زال عليه حتى أطاع وحضر صحبته. وكان عبد الدايم عاصيا على السلطنة من أيام السلطان الغورى لم يدخل تحت طاعته، ثم عصى على ابن عثمان، فلما أرسل إليه خاير بك قانصوه العادلى بالأمان حضر وقابل خاير بك، وصحبته تقدمة ما بين خيول وجمال وأغنام وغير ذلك، فلما مثل بين يدى ملك الأمراء خاير بك أخلع عليه قفطان مخمل مزهرا، ونزل من القلعة فى موكب حفل وقدّامه رايات زعفران. وكان عبد الدايم هذا من أكبر أسباب الفساد فى الشرقية، فأخرب غالب بلاد الشرقية ونهب أموالها، وقطع الطريق على الأقفال الواردة من الشام فى فتنة ابن عثمان، وأخذ ما لا يحسى من أموال التجار، وقتل جماعة كثيرة من المماليك السلطانية وأخذ ما كان معهم من الخيول والسلاح، وكذلك الأمراء لما وقعت عليهم الكسرة فى الريدانية وتشتتوا فى البلاد بالشرقية، فصار يأخذ ما عليهم من الثياب والسلاح والخيول وغير ذلك، وفرح بأموال وتحف ما لا فرح به آباؤه (٢) ولا أجداده، وقد غنم أموال التجار وأموال العسكر من المماليك الجراكسة وغيرها من أموال المقطعين من البلاد، وعمل من المفاسد فى الشرقية ما لا يسمع بمثلها.


(١) بالأمان: بالان.
(٢) آباؤه: أباه.