للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى الأسواق ويسأل التجّار والسوقة فى درهم فلوس يشترى به كبشة فول يأكلها، فسبحان من يعزّ ويذلّ، وصاروا يمشون فى الأسواق على أرجلهم لا خيول لهم ولا قماش ولا سلاح، ولا بيوت تأويهم، ولا اسطبلات ولا غلمان ولا عبيد، وقد نظر الله تعالى إليهم بعين المقت جزاء بما كانوا يعملون.

وفى يوم الأحد كان مستهلّ ذى القعدة الحرام، فطلع قضاة القضاة إلى القلعة وهنّوا ملك الأمراء خاير بك نائب السلطنة بالشهر، ثم عادوا إلى بيوتهم. - وفى يوم الخميس رابع شهر ذى القعدة أخلع ملك الأمراء خاير بك على الأمير يوسف البدرى وأعاده إلى الوزارة كما كان أولا، فأخلع عليه قفطان مخمل عوضا عن المثمّر.

وقد صارت الأمراء الجراكسة الذين (١) ظهروا كلهم بقفطانات مخمل، وشئ بقفطانات جوخ وطراطير جوخ أسود عليهم عمائم مدوّرة، وفى أرجلهم سقمانات جلد فى زىّ العثمانية، فصارت الأمراء الجراكسة والمماليك السلطانية الذين (١) ظهروا كلهم على هذه الهيئة، وقد اختلطوا (٢) العثمانية مع المماليك الجراكسة حتى صار لا يعرف هذا من هذا، والكل بقفطانات وسقمانات جلد وطراطير جوخ أسود عليهم عمائم، وصارت المماليك الجراكسة تعرف بذقونهم والعثمانية بغير ذقون، وقد قلت فى المعنى هذه المواليا:

امشى مع الدهر ما أمكنك يا غلطان … واخلع ثياب المواكب واتبع السلطان

فى لبس سقمان أو طرطور أو قفطان … وكن مع القوم فى الملبوس والأوطان

وفى يوم الأحد ثامن الشهر نزل ملك الأمراء خاير بك من القلعة باكر النهار، وتوجّه إلى نحو قبة الأمير يشبك الدوادار التى على الملقة بالمطرية، وأقام هناك إلى أواخر النهار، ومدّ فى ذلك اليوم هناك مدّة حفلة، وأهدت إليه جماعة من المباشرين عدّة حمّالين عليها مجامع حلوى ومشنّات فاكهة (٣)، وحمّالين عليها سكر وخرفان شوى وأقفاص أوز ودجاج وغير ذلك أشياء فاخرة، وكان ذلك اليوم بالسلطانى. - ومن الحوادث فى ذلك اليوم أن بعد العصر نزل جماعة من العربان من نحو الجبل الأحمر


(١) الذين: الذى.
(٢) اختلطوا: اخطلطوا.
(٣) فاكهة: فاكه.