للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حجّ فى هذه السنة من الأعيان قاضى القضاة المالكى محيى الدين يحيى بن الدميرى، فألبسه خاير بك قفطان مخمل مزهرا وقرره قاضى المجمل، وحجّ آخرون من الأعيان ما يحضرنى أسماؤهم (١) الآن. وقد جدّد ابن عثمان كسوة المحمل فى هذه السنة، فصنع له كسوة فاخرة كلها زركش، وكتب عليها اسمه، فلما شقّوا من القاهرة كان لهم يوم مشهود على العادة القديمة، وهذا ما كان من ملخّص خروج المحمل فى ذلك اليوم.

وفى يوم السبت ثانى عشرينه أخلع ملك الأمراء خاير بك على قانصوه العادلى قفطان مخمل تماسيح، وقرّره كاشف الشرقية كما كان أولا. - وفى يوم الأحد ثالث عشرينه قبض الوالى على خمسة أنفار من العثمانية أشيع عنهم أنهم يخطفون (٢) العمائم ويعرّون (٣) الناس فى الطرقات، وأنهم يخطفون النساء والصبيان المرد وأنهم تزايد منهم الفساد، فلما قبض عليهم رسم سنان باشاه أحد أمراء ابن عثمان بأن يشنقوا، فشنق منهم اثنان على باب زويلة وواحد على باب الشعرية، وأما الاثنان فقد (٤) شفع فيهما من الشنق فى ذلك اليوم فسجنا. وكانت العثمانية الذين (٥) بمصر كثر منهم الأذى فى حق أهل مصر من حين رحل ابن عثمان عنهم، وصاروا لا يسمعون لخاير بك كلاما، ولا له عليهم حرمة.

وفى يوم الاثنين رابع عشرين شوال توجهت المماليك الجراكسة إلى بيت الأمير قايتباى الدوادار بسبب أنه واعد المماليك أنه يصرف لهم جوامك فى ذلك اليوم، فطلع إلى القلعة واجتمع بملك الأمراء خاير بك، وأقام بالقلعة إلى قريب الظهر والمماليك الجراكسة فى استنظاره على بابه، فلما نزل قال لهم: يا أغاوات شاورت ملك الأمراء عن أمركم، فقال حتى نجمع المال ثم ننفق عليهم الجوامك. ولم يواعدهم على يوم متعيّن، فرجعوا من عنده بغير طائل. وقد صارت المماليك الجراكسة فى غاية الذلّ من الفقر والعرى، ومنهم من سأل الناس فى رغيف يقتات به، ومنهم من يطوف


(١) أسماؤهم: أسماءهم.
(٢) يخطفون: يخطفوا.
(٣) ويعرون: ويعروا.
(٤) فقد: قد.
(٥) الذين: الذى.