للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نائب كاتب السرّ، ومصلح الدين خازندار ابن عثمان، وخرج صحبتهما كسوة الكعبة الشريفة وهى محزومة محمّلة على الجمال، وأشيع أنهما يتوجّهان (١) من البحر الملح إلى جدّة ومن جدّة إلى مكّة، فكان لهما فى القاهرة موكب حفل، وكان ذلك اليوم مشهودا. وخرج صحبتهما نحو من ألفى (٢) عثمانى، وقدّامهم طبلان وزمران (٣) ورماة بالنفط، وركب قدّامهما الأمير قايتباى الدوادار الكبير وأعيان جماعة من المباشرين.

فلما شقّوا من القاهرة رجّت لهم، فخرجوا من باب النصر وتوجّهوا إلى الوطاق بالريدانية.

وفى ذلك اليوم ثارت جماعة من العثمانية على الزينى بركات بن موسى المحتسب بسبب الفلوس الجدد، فإن ابن عثمان ضرب فلوسا جددا وجعل عليها اسمه، ورسم للسوقة ونادى لهم أن كل ستة عشر جديدا يصرف بنصف فضة معاددة، وكانت هذه الفلوس فى غاية الخفة، فوقف (٤) حال الناس بسبب ذلك، وحصل لهم الضرر الشامل، وغلقت الدكاكين. فلما جرى ذلك نادى الزينى بركات بأن النصف الفضة يصرف بأربعة وعشرين جديدا ليعرف الدرهم الفلوس من الدرهمين فى المعاملة، فثارت العثمانية على ابن موسى وقالوا له: سليم شاه بن عثمان هو مات حتى تبطل من مصر معاملته؟ وهمّوا بضربه، فنادى فى ذلك اليوم كل شئ على حاله فى أمر الفلوس الجدد بأن يصرف النصف الفضة بستة عشر جديدا كما كان فى الأول. فأغلقت السوقة الدكاكين، ورفعوا البضائع، ووقع فى القاهرة بعض (٥) اضطراب. وأشيع أن خاير بك نائب السلطنة صنع من الخوازيق الحديد عدّة، وأنه بعد العيد يخوزق ويشنق جماعة من السوقة على أبواب القاهرة، فلما أشيع ذلك خافت السوقة وفتحت الدكاكين، ومشّوا صرف النصف الفضة بستة عشر جديدا كما كان فى الأول.

وفى يوم الثلاثاء عشرين شهر رمضان نزل ملك الأمراء خاير بك من القلعة وتوجّه إلى نحو تربة العادل ليودّع مصلح الدين والشهابى أحمد بن الجيعان،


(١) يتوجهان: يتوجها.
(٢) ألفى: ألفين.
(٣) طبلان وزمران: طبلين وزمرين.
(٤) فوقف: فوق.
(٥) بعض: بعد.