للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوادعهما ورجع ودخل من باب النصر وشقّ القاهرة فى موكب حفل، وقدّامه نحو من ألفين من العثمانية وجماعة مشاة يرمون بالنفوط قدّامه، فرجّت له القاهرة فى ذلك اليوم، وارتفعت له الأصوات بالدعاء من الناس قاطبة، وهذا أول مواكبه فى القاهرة من حين تولّى نيابة السلطنة. - ثم فى يوم الخميس ثانى عشرينه نزل ملك الأمراء من القلعة ثانيا وتوجّه إلى باب الشعرية، وزار الشيخ عبد القادر الدشطوطى وجلس عنده ساعة، فقيل إن الشيخ عبد القادر قال له: اتوصّى بالرعية فإنك تسأل عن ذلك يوم القيامة. فبكى خاير بك وباس يد الشيخ وخرج من عنده وعاد إلى القلعة من يومه.

وفى يوم السبت رابع عشرين شهر رمضان، فيه ظهر الأمير أرزمك الناشف أحد الأمراء المقدّمين، فلما طلع إلى القلعة وقابل ملك الأمراء خاير بك، فطلع ومنديل الأمان على رأسه، فقام له خاير بك واعتنقه وأجلسه بين يديه، وكان لما طلع إلى القلعة لابسا زىّ العرب وعليه زمط وشاش وملوطة بأكمام كبار، فألبسه (١) خاير بك قفطان مخمل تماسيح، وألبسه عمامة عثمانية. وكان لما قابل طلع معه ستة أنفار ما بين أمراء عشرات وخاصكية، فأخلع عليهم قفطانات مخمل ونزلوا من القلعة إلى أماكن عدّت لهم. - وفى يوم الأربعاء ثامن عشرين شهر رمضان ختم صحيح البخارى بالقلعة، وحضر ملك الأمراء خاير بك والقضاة الأربعة وجماعة من أعيان العلماء والفقهاء وأعيان المباشرين. فلما انفضّ المجلس أخلع خاير بك على القضاة قفطانات جوخ أزرق بوجه صوف، وفرّق على الفقهاء والعلماء صررا فيها دراهم، وكان ختما حافلا، وشتان بين هذا الختم وما كان يعمل فى ختم السلاطين الماضية فى مثل هذا اليوم. - ولما سافر سليم شاه بن عثمان وخرج من مصر استمرّت الخطبة والسكة عمالة فى مصر باسمه، فكان سائر الخطباء يدعون (٢) فى يوم الجمعة باسمه، وتقول: وانصر اللهم السلطان الملك المظفر سليم شاه. وكذلك اسمه على الدنانير والدراهم والفلوس الجدد، واستمرّ ذلك عمّالا بعد خروج ابن عثمان من مصر إلى الآن.


(١) فألبسه: فابسه.
(٢) يدعون: تدعوا.