طلوع الشمس وطلع إلى القلعة وأقام بها، وصارت سلطنة مصر نيابة، وقد تقلّبت الأحوال وكثرت الأقوال، وقد قلت فى خاير بك لما ولى نيابة السلطنة بمصر، وهو قولى:
مصر أضحت فى سرور عند ما … قد تولّى للنيابة (١) خير بك
فلسان الحال عنها قائل … يا لعمرى قد أتانى خير بك
أى خير أمير. فلما أقام خاير بك بالقلعة أرسل خلف البنّائين والنجّارين والمبلّطين ليردّوا ما فسد من أماكن القلعة، ثم إن خاير بك أخلع على شخص من الأتراك يقال له كمشبغا وقرّره فى ولاية القاهرة، وهو مملوكه. - وفيه أخلع ملك الأمراء خاير بك على جماعة من المباشرين وقرّرهم فى وظائف سنية، فأخلع على القاضى ناظر الخاص علاى الدين بن الإمام وقرّره كاتب السرّ الشريف عوضا [عن] محمود ابن أجا بحكم توجّهه إلى حلب، وقرّره ناظر الجيش أيضا عوضا عن الشهابى أحمد بن ناظر الخاص، وأبقى علاى الدين فى نظارة الخاص أيضا مضافة لما بيده من هذه الوظائف، وقيل إنه قرّره فى نظر الكسوة الشريفة أيضا، وجعله أمير ركب المحمل أيضا، فصار بيده خمس وظائف سنية، فتضاعفت عظمته فوق ما كان. وأخلع على الزينى بركات بن موسى وقرّره مدبّر المملكة وناظر الحسبة الشريفة وناظر الذخيرة الشريفة وناظر البيمارستان المنصورى وغير ذلك من الوظائف، فتزايدت عظمته واجتمعت الكلمة فيه وصار عزيز مصر فى هذه الأيام الفترة، فتوجّهت الناس إلى بابه لقضاء حوائجها وصار هو حاكم البلد، وقد قلت فيه:
يا نجل موسى عدت بالبركات فى … أعلى المراتب حيث كنت وأريدا
قد كان قطعا زال عنك ولم تزل … فى السعد عمّالا على رغم العدا
وأخلع على الشهابى أحمد بن الجيعان وقرّره نائب كاتب السرّ على عادته، ورسم له بأن يتوجّه إلى مكّة من البحر الملح وصحبته كسوة الكعبة الشريفة.