للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلامه ناقض ومنقوض لا يثبت على قول واحد كعادة الملوك فى أفعالهم (١)، وليس له سماط يعرف ولا نظام كعادة السلاطين فى سماطهم الذى كانت تجلس عليه الخاصكية كل يوم.

وأما عسكره فكانوا جيعانين العين (٢) نفسهم قذرة، يأكلون الأكل وهم راكبون خيولهم فى الأسواق، وعندهم عفاشة فى أنفسهم زائدة وقلّة دين، يتجاهرون بشرب الخمور فى الأسواق بين الناس، ولما جاء عليهم شهر رمضان فكان غالبهم لا يصوم ولا يصلّى فى الجوامع ولا صلاة الجمعة إلا قليل منهم، ولم يكن عندهم أدب ولا حشمة، وليس لهم نظام يعرف لا هم ولا أمراؤهم ولا وزراؤهم وهم همج كالبهائم. ولما خرج ابن عثمان من مصر رسم لابن السلطان الغورى بأن يسافر معه، فبرّز سنيحه وخرج وسافر صحبته. وأشيع أن جان بردى الغزالى لما خرج مع ابن عثمان كان أوعده بنيابة الشام، فلما خرج لم يولّيه نيابة الشام، بل قيل إنه ولاّه نيابة طرابلس ونيابة صفد ونيابة غزّة والرملة وبيت المقدس وجبل نابلس، ولم يولّيه نيابة الشام فشقّ ذلك عليه، ثم قرّره فى نيابة الشام وتوجه إليها صحبته.

وفى يوم السبت خامس عشرينه نادى خاير بك فى القاهرة بأن المماليك الجراكسة تظهر وعليهم أمان الله تعالى، فظهر منهم الجمّ الغفير وهم فى سوء حال، فى زىّ الفلاحين وعليهم زموط قرع وبرد سود وقمصان بأكمام كبار، فإذا رآهم أحد فلا يفرّق بينهم وبين الفلاحين. - وفيه وردت الأخبار بأن ابن عثمان قد وصل إلى بلبيس وحصل له توعّك فى جسده، فأرسل إلى خاير بك يطلب محفّة، فأرسل له خاير بك محفّة إلى بلبيس.

وفى يوم الأحد سادس عشرين شهر شعبان طلع المقرّ السيفى ملك الأمراء خاير بك من ملباى نائب السلطنة بالديار المصرية إلى قلعة الجبل، فكان له موكب حفل، وقدّامه عدة جنايب بغواشى حرير أصفر، وقدّامه جماعة كثيرة من العثمانية مشاة يرمون بالنفط، وقدّامه الجمّ الغفير من عسكر ابن عثمان، فشقّ من الصليبة بعد


(١) أفعالهم: افعلها.
(٢) جيعانين العين: كذا فى الأصل.