للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشقادف. فلما خرج القاضى كاتب السرّ سكن فى بيته الذى عند قنطرة سنقر الوزير يوسف البدرى.

وفى يوم الخميس ثالث عشرين شعبان، فيه خرج وتوجّه إلى السفر سلطان مصر الملك المظفر سليم شاه بن عثمان، فخرج من بيت ابن السلطان قايتباى الذى خلف حمّام الفارقانى، وشقّ من على الصليبة وطلع إلى الرملة، فخرج فى موكب حفل وقدّامه ملك الأمراء خاير بك نائب حلب وجان بردى الغزالى نائب الشام، وقدّام العسكر طبلان وزمران وعدة جنايب حربيّة، وكان راكبا على بغلة صفراء عالية، قيل إنها من بغال السلطان الغورى كان يركبها فى الأسفار، وكان عليه قفطان مخمل أحمر وقدّامه جماعة من وزراء، منهم يونس باشاه والدفتردار وبقيّة من له من الوزراء والأمراء، والجمّ الغفير من عساكره ما بين مشاة وركاب، وجماعة (١) كثيرة من الرماة بالنفوط المرعبة، فطلع من على الصوّة ونزل من على تربة الأشرف قايتباى، ووقف هناك وقرأ سورة (٢) الفاتحة وأهداها إليه، ثم شقّ من بين الترب إلى تربة العادل التى (٣) بالفضاء، واستمرّ على ذلك حتى نزل بالوطاق الذى نصبه فى بركة الحاج، ولو شقّ من القاهرة لكان له يوم مشهود، ولكن خرج على حين غفلة فلم يشعر به أحد من الناس. وكان لما خرج من بين الترب قسم عسكره فرقتين، فرقة مرّت من تحت الحبل الأحمر، وفرقة من على تربة العادل، ثم تلاقوا فى بركة الحاج، فلما وصل إلى الوطاق لم ينزل به وتوجّه على ظهر إلى الخانكاه فنزل هناك. ثم إن ابن عثمان لما رحل من مصر ترك بها من عسكره، ممن يقيم بالقاهرة عند خاير بك، نحو خمسة آلاف فارس، ومن الرماة بالبندق الرصاص نحو خمسمائة رام (٤)، وقرّر من أمرائه شخصا يقال له خير الدين باشاه وجعله نائب القلعة، فيقيم بها ولا ينزل إلى المدينة.

ومن العجائب أن مصر صارت نيابة بعد أن كان سلطان مصر أعظم السلاطين فى سائر البلاد قاطبة، لأنه خادم الحرمين الشريفين، وحاوى ملك مصر الذى افتخر به فرعون اللعين، حيث قال: أليس لى ملك مصر، وقد تباهى بملك مصر على سائر


(١) وجماعة: جماعة.
(٢) سورة: صورة.
(٣) التى: الذى.
(٤) رام: رامى.