للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هنا نرجع إلى أخبار ابن عثمان، فإنه لما نزل بالوطاق الذى نصبه فى بولاق عند الرصيف أقام به إلى يوم الثلاثاء رابع المحرم، فلما كان ليلة الأربعاء خامس الشهر بعد صلاة العشاء، لم يشعر ابن عثمان إلا وقد هجم عليه الأشرف طومان باى بالوطاق واحتاط به، فاضطربت أحوال ابن عثمان إلى الغاية، وظنّ أنه مأخوذ لا محالة، وأشيع أنه هجم عليه بجمال وهى محمّلة ساسا وأطلق فيها النار، فاحترق بعض خيام من وطاق ابن عثمان، ووقع فيهم السيف تحت الليل فقتل من عسكر بن عثمان ما لا يحصى عددهم، واجتمع هناك الجمّ الغفير من الزعر وعيّاق بولاق من النواتية وغيرها وصاروا يرجمون بالمقاليق (١) وفيها الحجارة، واستمرّوا على ذلك إلى أن طلع النهار فلاقاهم الأمير علان الدوادار الكبير من الناصرية عند الميدان الكبير، فكان بين عسكر ابن عثمان وبين عسكر مصر هناك وقعة تشيب منها النواصى، فملكوا منهم من رأس الجزيرة الوسطى إلى قنطرة باب البحر وإلى قنطرة قديدار، واستمرّ الحرب ثائرا بين الفريقين من طلوع الفجر إلى بعد المغرب. وأشيع أن العربان لما وقعت هذه الحركة نهبوا وطاق العثمانية الذى كان بالريدانية. ثم إن المماليك الجراكسة صاروا يكبسون البيوت والحارات على العثمانية كما كانت العثمانية تكبس البيوت والحارات على المماليك الجراكسة.

ومثلما تعمل شاة الحمى … فى قرض يعمل فى جلدها

فصاروا الأتراك كل من يظفرون (٢) به من العثمانية يقطعون (٣) رأسه ويحضرون (٤) بها بين يدى السلطان طومان باى وصار الطالب مطلوب. - فلما كان يوم الخميس سادس المحرم اشتدّ القتال بين العثمانية وبين الأتراك، ونادى السلطان فى الناصرية وقناطر السباع للزعر والعيّاق بأن كل من قبض على عثمانى يأخذ عريه ويقطع رأسه ويحضرها بين يدى السلطان. ثم إن العثمانية طردوا الأتراك من بولاق وجزيرة الفيل وملكوها منهم، ثم طردوا الأتراك من الجزيرة الوسطى إلى الناصرية وملكوها منهم. ثم إن الأتراك خرقوا عقد قنطرة قديدار خوفا من العثمانية أن يهجموا


(١) بالمقاليق: كذا فى الأصل، ولعلها «بالمقاليع».
(٢) يظفرون: يظفروا.
(٣) يقطعون: يقطعوا.
(٤) ويحضرون: ويحضروا.