للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحت الجبل (١) الأحمر، وفرقة جاءت للعسكر عند الوطاق بالريدانية فطرشوهم بالبندق الرصاص، فقتل من عسكر مصر ما لا يحصى عددهم، وقتل من الأمراء المقدّمين جماعة، منهم أزبك المكحل وآخرون منهم. وجرح الأتابكى سودون الدوادارى جرحا بالغا وقيل انكسر فخذه فاختفى فى غيط هناك، وجرح الأمير علان الدوادار.

فلم تكن إلا ساعة يسيرة مقدار خمس درجات (٢) حتى انكسر عسكر مصر وولّى مدبرا وتمّت عليهم الكسرة، فثبت بعد الكسرة السلطان طومان باى نحو عشرين درجة وهو يقاتل بنفسه فى نفر قليل من العبيد الرماة والمماليك السلحدارية، فقتل من عسكر ابن عثمان ما لا يحصى عددهم، فلما تكاثرت عليه العثمانية، ورأى العسكر قد قلّ من حوله، خاف على نفسه أن يقبضوا عليه فطوى الصنجق السلطانى وولّى واختفى، قيل إنه توجّه إلى نحو طرا، وهذه ثالث كسرة وقعت لعسكر مصر. وأما الفرقة العثمانية التى (٣) توجهت من تحت الجبل الأحمر، فإنها نزلت على الوطاق السلطانى وعلى وطاق الأمراء والعسكر، فنهبوا كل ما كان فيه من قماش وسلاح وخام وخيول وجمال وأبقار وغير ذلك. ثم نهبوا المكاحل التى نصبهم السلطان هناك، ونهبوا تلك الطوارق والتساتير الخشب والعربات التى تعب عليهم السلطان وأصرف عليهم جملة مال ولم يفده من ذلك شئ، ونهبوا البارود الذى كان هناك، ولم يبقوا بالوطاق شيئا لا قليلا ولا كثيرا، فكان ذلك مما جرت به الأقدار والحكم لله الواحد القهار.

ثم إن جماعة من العثمانية لما هرب السلطان ونهبوا الوطاق، دخلوا إلى القاهرة وقد ملكوها بالسيف عنوة، فتوجّهوا جماعة من العثمانية إلى المقشرة وأحرقوا بابها وأخرجوا من كان بها من المحابيس، وكان بها جماعة من العثمانية سجنهم السلطان لما كان بالريدانية فأطلقوهم أجمعين، وأطلقوا من كان فى سجن الديلم والرحبة والقاعة أجمعين. ثم توجّهوا إلى بيت الأمير خاير بك المعمار أحد المقدّمين فنهبوا ما فيه، وكذلك بيت يونس الترجمان، وكذلك بيوت جماعة من الأمراء وأعيان المباشرين ومساتير الناس، وصارت الزعر والغلمان ينهبون البيوت فى حجة العثمانية، فانطلق


(١) الجبل: الأجبل.
(٢) خمس درجات: خمسه درج.
(٣) التى: الذى.