للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى السلطان الغورى وصار من جملة أخصّائه، فلما جرى للغورى ما جرى وانكسر التفّ على سليم شاه بن عثمان وصار من أخصّائه، وقيل هو الذى حسّن عبارة لابن عثمان بأن يدخل إلى مصر ويملكها ويقطع جادرة الجراكسة من مصر، وأطمعه فى ذلك حتى دخل إلى مصر وكان السمرقندى من الظلمة الكبار، ولو عاش السمرقندى إلى أن ملك ابن عثمان مصر ما كان يحصل لأهلها منه خير قط، وكان يرافع أعيان مصر أشدّ المرافعة، فأراح الله تعالى منه الناس قاطبة وكفوا شرّه.

وفى يوم الأربعاء ثامن عشرين ذى الحجّة وردت الأخبار بأن جاليش عسكر ابن عثمان قد نزل ببركة الحاج، فاضطربت أحوال عسكر مصر وغلق باب الفتوح وباب النصر وباب الشعرية وباب البحر وباب القنطرة وغير ذلك من أبواب المدينة قاطبة، وغلقت أسواق القاهرة وتعطّلت الطواحين وتشحّط الدقيق والخبز من الأسواق. ثم إن السلطان لما تحقّق وصول عسكر ابن عثمان إلى بركة الحاج، زعق النفير بالوطاق وركب العسكر قاطبة، وركب سائر الأمراء المقدّمين والأمراء الطبلخانات والعشرات، وركب قاسم بك بن عثمان، فاجتمع من الصناجق نحو ثلاثين صنجقا، واجتمع من العساكر من المماليك السلطانية ومماليك الأمراء والعربان نحو عشرين ألف فارس، ودقّت الطبول والزمور حربيّا، وصار السلطان طومان باى راكبا بنفسه وهو يرتّب الأمراء على قدر منازلهم، وصفّ العسكر من الجبل الأحمر إلى غيطان المطرية، فاجتمع هناك الجمّ الغفير من العسكر. وكان السلطان طومان باى له همّة عالية فى هذه الحركة، ولو كان السلطان الغورى حيّا ما كان يثور ببعض ما ثار به السلطان طومان باى، لكن لم يعطه (١) الله تعالى النصر على ابن عثمان، فلم يقع فى ذلك اليوم بين الفريقين قتال ولم يبرز كل منهما إلى غريمه فى ذلك اليوم، فقطعوا فى ذلك اليوم بعض رءوس من العثمانية، ويرسلون (٢) يعلّقونها على أبواب المدينة.

فلما كان يوم الخميس تاسع عشرين ذى الحجة، فيه وقعت كاينة عظيمة، تذهل عند سماعها عقول أولى الألباب، وتضلّ لهولها الآراء عن الصواب، وما ذاك إلا أن


(١) لم يعطه: لم يعطيه.
(٢) ويرسلون: ويرسلوا.