للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكثر الفرنج فى البحر، والذى فى البرّ هلك بالسيف، فسمع فى الجو قائلا يقول:

«الحمد لله الذى أرانا فى أمّة محمد، ، رجلا سخّر له الريح»، انتهى ذلك.

قيل، لما حصلت هذه النصرة للمسلمين، غنموا من الفرنج أشياء كثيرة، من القماش والسلاح وغير ذلك؛ حتى قيل أبيع فى العسكر، كل سيف بنصفين فضّة، وكل درع بثمانية أنصاف، وكل فرس بعشرة أنصاف.

وأما ريدا فرنسيس، ملك الفرنج، فإنه لما حصلت له هذه الكسرة، وقف على تلّ عال، هو وأقاربه، وأرسل يطلب من السلطان الأمان، فأرسل إليه بعض الأمراء، قبض عليه، وعلى أقاربه، وقيّدهم، وسجنهم فى دار القاضى فخر الدين بن لقمان، ووكّل به طواشيّا يسمّى صبيح الغطمى، فكان يضرب فرنسيس كل يوم خمسمائة عصاة.

وقرّر عليه السلطان توران شاه مائتى ألف دينار، عوضا عما صرف على التجاريد، فأقام فى السجن هو وأقاربه، وأرسل إلى بلاده ليحضر المال الذى قرّر عليه.

ثم إنّ الملك المعظم توران شاه، أرسل ببشارة هذه النصرة إلى القاهرة، على يد الأمير شهاب الدين بن موسى بن يغمور، والى القاهرة، فدخل القاهرة وهو لابس ثياب فرنسيس، ملك الفرنج، أشكر لاط مخمل أحمر بفرو سنجاب، وقلنسوة ذهب، فكان يوم دخوله يوما مشهودا، وزيّنت له القاهرة زينة حفلة، ودقّت له البشائر سبعة أيام.

وكانت هذه النصرة على غير القياس، وقد همّت أهل مصر بالهروب إلى نحو الصعيد خوفا من الفرنج أن (١) يملكوا مصر؛ ثم كتبت المراسيم السلطانية إلى سائر الآفاق بيشارة هذه النصرة.

قيل، لما ملكوا المسلمون مدينة دمياط، أشار الأمراء على السلطان بهدم مدينة


(١) أن: أن لا.