للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوم من بابه من الشهور القبطية، وقد تأخّر فتحه عن العادة إلى ذلك اليوم، وكان النيل فى قوّة عزمه من الزيادة، فلما فتح سدّ أبى المنجا نقص النيل فى ذلك اليوم ولم يزد من بعد ذلك شيئا وقد (١) ثبت على ستة عشر أصبعا من إحدى وعشرين ذراعا، وحصل به غاية النفع وأروى سائر البلاد التى قط ما رويت، واستمرّ ثابتا إلى أوائل هاتور فعدّ ذلك من النوادر، ومن العجائب أن مع وجود علوّ (٢) النيل وثباته لم يسكن فى الجزيرة الوسطى ولا بيت واحد ولم يفتح (٣) فيها دكّان ولم يعمل بها مقصف للمتفرّجين، ولم يعلم ما سبب ذلك ولكن أشاعوا أنه (٤) سكن بالجزيرة عدّة مناخات جمال لابن السلطان والأمراء، فخشى الناس أن يسكنوا الجزيرة من النفر الذى هناك، فهذا كان السبب فى منع الناس فى سكنى الجزيرة. - وفى يوم الاثنين ثالث عشرينه نادى السلطان فى الحوش للعسكر بأن يعملوا يرقهم وأن يكونوا على يقظة فإن السلطان ينفق ويخرج فى جمعته، وصار فى كلّ جامكيّة ينادى للعسكر بذلك فى الحوش، وأشيع أن السلطان هو الذى يسافر بنفسه بسبب ابن عثمان، واستمرّت الإشاعات قائمة بسفر السلطان ثم خمدت تلك [الإشاعات] قليلا. - وفى ذلك اليوم كانت وفاة القاضى جلال الدين محمد الزفتاوى أحد نوّاب الشافعية، وكان لا بأس به، ومات وهو فى عشر الثمانين سنة. - وفى يوم الثلاثاء رابع عشرينه نزل السلطان إلى بولاق وتوجّه إلى ضيافة القاضى كاتب السرّ محمود بن أجا بالبرابخية التى هناك فأقام عنده إلى يوم الأربعاء وهو فى أرغد عيش، فما أبقى القاضى كاتب السر فى ضيافته ممكنا وأحضر من كلّ شئ أحسنه، حتى قيل إنه تكلّف على أسمطة وطوارى حافلة وتقدمة عظيمة قدّمها للسلطان فوق آلاف دينار، وكان ابن السلطان معه وجماعة من الخاصكية، وانشرح السلطان هناك إلى الغاية وأحضر بين يديه مغانى وأرباب الآلات، وأظهر القاضى كاتب السر أنواع العظمة من الفرش الفاخرة والأوانى الصينى والنحاس المكفّت وغير ذلك من كل صنف،


(١) شيئا وقد: وشيئا قد.
(٢) وجود علو: موجود علوى.
(٣) يفتح: يفتحت.
(٤) أنه: أن.