للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يملك مصر، والله تعالى غالب على أمره، فمن حين توجّه خشقدم إلى ابن عثمان وهو يظهر المشى على بلاد السلطان، ولا سيما قتل علىّ دولات وملك بلاده وولى فيها ابن سوار وجعله نائبه وصار يكاتب السلطان فى مطالعاته بألفاظ (١) يابسة، وكلّ ذلك مما أوحاه إليه خشقدم عن أحوال الديار المصرية، فلما حضر جانم الخاصكى وأخبر السلطان بما قاله ابن عثمان فى حقه من هذه الأخبار المقدّم ذكرها، اضطربت أحوال السلطان وتنكّد لذلك، واستمرّت الوحشة بينه وبين ابن عثمان عمّالة. - وهذه الواقعة تقرب مما وقع للملك الناصر محمد بن قلاوون مع قبجق نائب الشام، فإنه أظهر العصيان على السلطان فأرسل بالقبض عليه، فلما تحقق ذلك فرّ من الشام وتوجّه إلى غازان ملك التتار وقوّى عزمه وحسّن إليه بأن يمشى على بلاد السلطان فيملكها من غير مانع، وكذا جرى فمشى غازان على بلاد السلطان وملك حلب والشام، فخرج إليه الملك الناصر محمد بن قلاوون وتحارب مع غازان فكسر غازان الملك الناصر كسرة مهولة، فرجع الملك الناصر إلى مصر وهو مهزوم، ثم تحايا عسكر مصر ورجع الملك الناصر وتحارب مع غازان ثانيا فكسره [كسرة] مهولة وغنم منه أشياء كثيرة من خيول وسلاح وغير ذلك، وكان هذا كلّه من فتنة قبجق لما توجه إليه وحسّن له ذلك، ونعوذ بالله أن يكون فتنة ابن عثمان مثل ذلك، والأمر إلى الله تعالى. - وفى يوم الأربعاء ثامن عشره جاءت الأخبار من السويس بأن المراكب التى جهّزها السلطان إلى الهند غرق منهم مركب وقد انصدمت فى شعب فانكسرت وغرق جميع ما كان فيها، وفقد من العسكر الذى كان فيها جماعة، فلم تتفاءل الناس بذلك. - وفى يوم الخميس تاسع عشره أخلع السلطان على الأمير أينال باى دوادار سكين وعيّنه بأن يسافر إلى البلاد الشامية بسبب أمور تتعلّق بأشغال السلطنة، فتوجّه إليها. - وفى يوم الجمعة عشرينه فتح سدّ بحر أبى المنجا، وكان النيل يومئذ فى ستة عشر أصبع من إحدى وعشرين ذراعا، وكان فتحه فى أول


(١) بألفاظ: بالحفاظ.