وأخذ ما كان معه من الهدية التى كان أرسلها السلطان إلى ملك التتار، وحصل لجانم من ابن عثمان غاية البهدلة، وهمّ بشنقه غير ما مرة حتى شفع فيه بعض وزراء ابن عثمان، فلما رجع جانم أخبر عن ابن عثمان أمورا شنيعة قالها فى حقّ السلطان وعسكر مصر، وأنه جهّز عدّة مراكب كثيرة نحو أربعمائة مركب فى البحر تجئ ثغر الإسكندرية ودمياط، وفرقا من عسكره تجئ من على البلاد الحلبيّة، فلما تحقق السلطان ذلك أرسل خلف أمير كبير سودون العجمى وبقية الأمراء، فجلسوا فى الدهيشة وضربوا مشورة بسبب ابن عثمان، وقيل إنه حلّف الأمراء فى ذلك اليوم بأن يكونوا كلمة واحدة ولا يخرجوا عن طاعته ظاهر وباطنا، وحلف هو أيضا لهم بمعنى ذلك، وانفضّ المجلس بعد الحلف، ويقال كان سبب إثارة هذه الفتنة الحادثة بين السلطان وبين ابن عثمان أن خشقدم مملوك السلطان الذى كان مشدّ الشون، وقد تقدّم القول على أنه كان قد حصل له من السلطان حنق بسبب زوجته بنت جانى بيك دوادار الأمير طراباى وقد تقدّم ذكر ذلك، فلما رأى خشقدم أن السلطان محطّ عليه بسبب جانى بيك ففرّ على حين غفلة ونزل فى مركب وتوجّه إلى عند سليم بن عثمان وكان له أخ عند ابن عثمان، فلما توجّه خشقدم إلى ابن عثمان أكرمه وأنعم عليه بأمرية فى بلاده، فلما استقرّ خشقدم عند ابن عثمان شرع يحطّ على السلطان عند ابن عثمان ويخبره بأمور من أفعال السلطان من أبواب المظالم، وأخبره بما أحدثه على السوقة من أمر المشاهرة والمجامعة على أرباب البضائع من المال المقرّر عليهم فى كل شهر، وأخبره بأمر الغشّ الذى فى المعاملة فى الذهب والفضّة، وأخبره بأشياء كثيرة من هذا النمط عن أحوال مصر، حتى أخبره بجملة عساكر مصر وما يشتملون عليه، وأخبره عن أمر قضاة مصر قاطبة وأنهم يأخذون الرشوة على الأحكام الشرعية، وحسّن له أن يمشى على بلاد السلطان وسهّل عليه ذلك الأمر، فعرّفه كيف يرسل مراكب على الإسكندريّة ودمياط، فعند ذلك طمعت (١) آمال ابن عثمان بأن