للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأخذه الوالى وخرج به وهو ماشى وعلى رأسه زمط وعليه ملوطة بيضاء وهو مفكك الأطواق، فلما خرج إلى باب القلة أحاطت به المماليك وقصدوا أن يقطّعونه بالسيوف، فصار يسأل قرابة المملوك الذى قتل بألف دينار فأبى من ذلك وقال: ما آخذ إلا روحه، ثم أنزلوه من سلّم المدرج وأتوا به إلى عند الحوض الذى تحت سلّم المدرج فوسّطوه هناك، وأحضروا له تابوت فحملوه فيه ومضوا به فغسّلوه ودفنوه ومضى أمره كأنه ما كان، وكان سنبل هذا من أعيان الخدّام حبشى الجنس جميل الصورة يدعى سنبل من غارى، وكان له من العمر يومئذ نحو ثلاثين سنة، وكان لالا سيدى ابن السلطان وحجّ معه ورأى من العز والعظمة غاية التعظيم، وكان خازندار كيس، وكان من المقرّبين عند السلطان وافر الحرمة نافذ الكلمة، ولا سيما لما ولى ابن السلطان أمير آخور كبير فصار سنبل هو المتصرّف فى أمور باب السلسلة ويحكم عوضا عن ابن السلطان، وصار لا يقبل لأحد من الأمراء رسالة ولا شفاعة فعادى جميع الأمراء وحملوا منه فى الباطن، فلما جرى له ما جرى لم يرث له أحد من الأمراء، ولم يفد سنبل مما ناله من ذلك العزّ والعظمة شيئا، ومات هذه الموتة الشنيعة، ولم يتفق لأحد من الخدّام قبله أنه مات موسّطا، وكان ذلك من الأمور المقدّرة، فلما توسّط سنبل خمدت تلك الفتنة وطلعت المماليك إلى الطباق وبطل أمر الفتنة، ثم إن السلطان أشهر المناداة فى القاهرة: بأن لا سوقى ولا تاجر يبهدل مماليك السلطان ولا يمسك لأحد منهم لجام فرسه ومن فعل ذلك قطعت يده ولا يقلّ حياه عليهم، وكانت هذه المناداة من أكبر أسباب الفساد فى حقّ الناس، وصارت المماليك من بعد ذلك يدخلون إلى الأسواق ويخطفون القماش من على الدكاكين ولا يقدر أحد يمنعه من ذلك، وصار الناس معهم من بعد ذلك فى غاية الضنك والقهر، وقد أرضى المماليك بقتل سنبل وبهذه المناداة عن طلب النفقة. - وفى يوم الاثنين ثالثه وردت على السلطان أخبار رديّة بأن سليم شاه بن عثمان تملّك غالب بلاد علىّ دولات وشرع فى بناء أبراج على عقبة