للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن السلطان، وقد تقدّم سبب ذلك من أجل المملوك الذى قتله، فلم يطلع من الأمراء فى ذلك اليوم إلا القليل، وقيل إن السلطان لم يخرج ولم يصلّ الجمعة وكان فى غاية النكد، وأرسل قبض على سنبل الطواشى وأودعه فى الترسيم واحتاط على موجوده ورسم عليه بالدهيشة أربعة (١) من الخاصكية، ومن حين وقعت هذه الحادثة رسم السلطان لولده بأن يقيم فوق القلعة ولا ينزل لباب السلسلة، خوفا عليه من المماليك حتى تخمد هذه الفتنة ويكون من أمرها ما يكون.

وفى رجب كان مستهلّ الشهر يوم السبت فطلع الخليفة والقضاة الأربعة وهنّوا السلطان بالشهر، وكان بالميدان فسلّموا عليه ونزلوا إلى دورهم. - ومما وقع فى ذلك اليوم من الحوادث المهولة أن المماليك الجلبان لما أصبحوا فى ذلك اليوم استمرّوا على إثارة الفتنة المقدّم ذكرها، فلبسوا كباشيات مقلوبة ووقفوا على باب سلم المدرّج ومنعوا الناس من الطلوع إلى القلعة، وخاف مقدّم المماليك وغيّب من باب القلعة، وقصدوا المماليك أن ينهبوا الدكاكين التى فى خرائب التتار، وقصدوا أن ينزلوا إلى المدينة وينهبوا الأسواق، فمنعهم من ذلك الأمير طقطباى نائب القلعة من النزول إلى المدينة، فلما طلع السلطان من الميدان ودخل إلى الدهيشة فبلغه أمر هذه الفتنة، ثم اتّسع الكلام بين المماليك وبين السلطان بسبب سنبل الطواشى الذى قتل المملوك، وقد تقدّم القول على ذلك، فأرسلت المماليك تقول للسلطان: إن لم تسلّمنا سنبل الطواشى أو تنفق علينا لكل مملوك منا مائة دينار وتقيم حرمتنا فإن السوقة صارت تمسك لجام المماليك فى الأسواق وتبهدلهم وما صار لنا حرمة بين الناس على أيامك، فلما ترددت الرسل بين المماليك وبين السلطان بسبب ذلك وقد رأى السلطان عين الغدر من المماليك، ورسم للوالى بأن يقبض على سنبل ويخرج به إلى المماليك، وكان سنبل من حين جرى منه ما جرى بسبب المملوك الذى قتله وهو فى الترسيم عند السلطان فى الدهيشة،


(١) بالدهيشة أربعة: أربعة بالدهيشة.