فى هذه الستة ولايات فوق الثلاثين ألف دينار، وولى هذه الولاية فى يوم الأربعاء وهو يوم نحس مستمرّ، فتفاءلوا له الناس بعدم إقامته فى هذه الولاية لكونه ولى فى يوم الأربعاء، فذهب منه هذا المال العظيم، ويا ليته لو شبع من ماله بنصف رطل سكر أو طير دجاج برّ به نفسه، وأخباره فى الشحّ والبخل الزائد مشهورة بين الناس فما يحتاج لشرح ذلك، فكان كما يقال فى المعنى:
ويحبس روثه فى البطن شهرا … مخافة أن يجوع إذا خريه
ويبكى بالدموع لهضم أكل … كما يبكى اليتيم على أبيه
وفى يوم السبت تاسعه رسم السلطان بشنق أربعة أنفار منهم جارية بيضاء روميّة وجارية حبشيّة وصبى ابن ناس لفّاف وشخص قواس، وسبب ذلك أن هذا الابن الناس والقوّاس أفسدا هذين الجاريتين وحسّنوا لهما بأن يقتلوا أستاذهما وكان أستاذهما شخصا من أولاد الناس مقطع، فقتلوه ثم ألقوه فى المستراح وأخذوا كل ما فى بيته وسافروا إلى نحو إطفيح، ومضى على هذا الأمر نحو خمسة أشهر ثم فشى من بعد ذلك أمرهم ونمّ عليهم جارية صغيرة، فقبض عليهم بعض مشايخ إطفيح وأرسلهم إلى السلطان، فقرّرهم فاعترفوا بقتله وأنهم ألقوه فى المستراح، فرسم السلطان للوالى بأن يفحص عن أمره، فتوجّه وكشف المستراح فوجده فيه وقد تقدّد جلده فأخرجه من المستراح، فلما عرضه على السلطان رسم بدفنه وأخرج إقطاعه لبعض المماليك، ثم رسم بشنق هؤلاى الذين فعلوا ذلك، فلما توجّهوا بهم إلى الشنق ارتجّت لهم القاهرة فى ذلك اليوم، ثم توجّهوا بهم إلى المكان الذى قتلوا فيه أستاذهم، وهو مكان بالقرب من باب سعادة، فشنقوا هناك الأربعة أنفس ومضى أمرهم. - وفى يوم الخميس رابع عشره أخلع السلطان على الأمير يوسف الذى كان نائب القدس وقرّره فى نيابة صفد عوضا عن طراباى الذى كان بها، وكان عادة نيابة صفد ما يليها إلا مقدّم ألف، وآخر من وليها من الأمراء المقدّمين الأمير أزدمر المسرطن وأقام بها إلى أن مات، فلما وليها الأمير يوسف عزّ ذلك على الأمراء كونه سيفى، وكان يعرف بيوسف