للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبقى مقدّم ألف فى دولة الملك الناصر محمد بن الأشرف قايتباى، ثم بقى أمير آخور كبير بعد وقعة الأمير أقبردى الدوادار لما قتل الأمير كرتباى ابن عمّة الأشرف قايتباى فى مدرسة السلطان حسن، فقرّره الملك الناصر (١) فى أمرية آخورية الكبرى عوضا عن الأمير كرتباى بحكم قتله وذلك فى المحرّم سنة ثلاث وتسعمائة فأقام فى أمرة آخورية الكبرى نحوا من ثمان عشرة سنة وثلاثة أشهر، وكان أميرا جليلا مبجّلا معظّما فى سعة من المال والسلاح والبرك والخيول والبغال والجمال والمماليك، وكان فى ملاءة من كلّ شئ، وهو الذى أنشأ الجامع الذى عند المصنع تجاه (٢) سوق الخيل، والجامع الذى بالقرب من ميدان المهارة الذى بجوار البركة الناصرية، وكان له من العمر لما مات نحو ستين سنة، وكان صفته طويل القامة ملئ (٣) الجسد أسمر اللون جدّا كما وكزه الشيب، وكان مشهورا بالشجاعة والفروسية ولعب الرمح بحيث كان يدعى بقانى باى الرمّاح، لكنه كان عنده الطمع الزائد والظلم والعسف، وكانت معاملته أنحس المعاملات يأكل أموال الناس بغير حقّ، وإن وضع يده على وقف أو تركة أكلها عن آخرها، وإن اشترى من أحد شيئا أكل ثمنه عليه، وإن استعمل صنايعيا أو مسبّبا قطع مصانعته فى أجرته، ويخرج من بابه غير راض عنه، وكان السلطان قرّره باش العسكر على التجريدة التى توجّهت إلى حلب فأظهر فى البلاد الشامية والحلبية غاية الظلم وأفرد الأموال الجزيلة على جهات البلاد الشامية والحلبية بسبب المشاة الذين يكونوا أمام العسكر، فجار على الناس وأخذ جملة من الأغنام لأهل الضياع من الفلاّحين نحو ثلاثين ألف رأس غنم، وقيل أكثر من ذلك، وكان السلطان فى وقت عيّنه بأن يتوجّه إلى جهات الشرقية بسبب فساد العربان فكان إذ ظفر بأحد من الفلاّحين الضعفاء يوسّطه أو يسلخه من رأسه إلى عند أقدامه، وربما صنع ذلك بجماعة من الأشراف وزعم أنهم من العربان


(١) الناصر: الناصرى.
(٢) تجاه: يجاه.
(٣) ملئ ميلى.