للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطان متكلما على حواصل الذخيرة من حين توفّى الحاجّ ياقوت فرّاش الخزانة، فشدّد محمد المهتار على التجار فى جبى الأموال فجبيت منهم فى مدّة يسيرة لأجل النفقة، وحصل على التجار الضرر الشامل وقد خسروا فى الأثواب الصوف النصف فإنهم كانوا معتوتين، وكذلك خسروا فى البعلبكى والأزر والشاشات والأنطاع والمحابس اليمنى وغير ذلك، ثم إن السلطان أطلق فى المباشرين النار وضيّق عليهم بسبب بواقى فضلات الأموال التى قرّرت عليهم من فضلات بواقى الحسابات (١)، فكتبوا له قوائم بما تأخّر على المباشرين والعمّال والمدركين وأرباب المصادرات فكان ذلك القدر نحو مائة ألف دينار، فظهر على علاى الدين ناظر الخاصّ ثلاثة وثلاثين ألف دينار، وعلى الزينى بركات بن موسى المحتسب خمسة عشر ألف دينار، وعلى القاضى شرف الدين الصغير خمسة آلاف دينار، وغير ذلك من العمّال ومن بواقى المصادرات، فأطلقوا فيهم النار بسبب النفقة على المماليك، وما قاسى أحد من أرباب الدولة بسبب هذه النفقة خيرا، وقد استحثهم السلطان فى سرعة ورود (٢) المال على النفقة. - وفى يوم الاثنين سابع عشره حضر إلى الأبواب الشريفة الأمير أبرك أحد الأمراء المقدمين، وأصله من مماليك السلطان، وكان خرج إلى حلب صحبة التجريدة وقد جعله السلطان باشا على المماليك الجلبان، فلما رسم لهم السلطان بالعود إلى مصر حضر الأمير أبرك قبل مجئ الأمراء فدخل إلى مصر وسبق الباش، ودخل صحبته جماعة كثيرة من الأمراء الطبلخانات والعشرات ممن كان فى التجريدة، فلما طلع وقابل السلطان أخلع عليه ونزل [إلى] داره فى موكب حافل. - وفى ذلك اليوم نفق السلطان الجامكية على العسكر، ونفق عليهم النفقة التى كان أوعد العسكر بها وجرى بسببها ما تقدّم ذكره، فلم تكن هذه النقطة عامّة على العسكر بل كانت لجماعة مخصوصة من المماليك، فأعطى لمماليكه الجلبان لكل واحد منهم خمسين دينارا، وأعطى مثل ذلك للمماليك الأشرفية القايتبيهية الشباب أصحاب


(١) الحسابات: الحسنات.
(٢) ورود: وردّ.