للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشريف بركات إلى ذلك المكان ورجعوا إلى بيوتهم، وكذلك أمراء الحاج، وأما القاضى كاتب السر محمود بن أجا فإنه لما رجع من الحجاز كان متوعكا فى جسده فلم يطلع إلى القلعة ولا قابل السلطان، وقد هنّيته عند عوده من الحجاز بهذين البيتين وهما:

عن كاتب السرّ شاع فضل … يستوجب الشكر والمحامد

قد عمّ من برّه البرايا … وحجّ فى الناس وهو قاعد

فكان لهذين البيتين موقع لما عرضوا عليه وقرأهما، فلما رجعت الحجّاج إلى القاهرة أثنوا بكل خير على سيّدى عمر بن الملك المنصور أمير ركب الأول (١) وشالوا له الرايات البيض فى وسط الرملة، بخلاف الأمير طقطباى أمير ركب المحمل، وأما خوند زوجة السلطان وولده فلم يثن عليهما أحد بخير ولا ظهر لخوند فى المناهل مكارم أخلاق كما كانت تفعل خوند الخاصبكية (٢) زوجة الأشرف قايتباى لما حجّت فلم ير لهم أحد من الحجّاج رأس سكر ولا مجمع حلوى وكل من كان معهم ردّ يشكى من الجوع، فكان كما يقال فى المعنى:

وكم لله من رجل سمين … كثير المال مهزول البذال

كذاك الطبل يسمع من بعيد … وداخله من الخيرات خال

وكان سبب ذلك أن السلطان (٣) هذا أخسّ خلق الله وأبخلهم على الإطلاق، فلم يمكن أحد من الناس فى شئ من أمر السنيح، وكان ابن السلطان صغيرا لا يحكم على شئ من أمور السنيح، حتى قيل ردّوا بالأكل الذى فى السنيح لم ينقص منه إلا القليل، فكان كما يقال:

لا تعجبوا إن سعى كريم … لحاجة فى يدى بخيل

فإنه كالخلاء حتما … لا بدّ فيه من الدخول


(١) الأول: جاءت فى الأصل بعد «الرملة» فى سطر ٨.
(٢) الخاصبكية: الخاص بكيه.
(٣) أن السلطان: أن السلطان جعل والسلطان وكان هذا.