للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جانى بيك الأستادار ويعاقبة على بقية المال الذى قرّر عليه، فإنه كان قرّر عليه ثلاثة وثلاثين ألف دينار أورد منها ستة عشر ألف دينار، فباع بيته وخيوله وقماشه ولم يغلق ذلك القدر الذى قرّر عليه، فأظهر العجز فلم يقبل له السلطان عذر فى ذلك وسلّمه للوالى، فأشيع أنه قد عصر فى أكعابه وضرب كسارات على ركبه، واستمرّ تحت العقوبة إلى الآن، وكان جانى بيك هذا من الظلمة الكبار إذا أظفر بأحد من الناس لا يرحمه، ولا سيما ما فعله فى ولايته للأستادارية، وما جرى (١) على العسكر بسبب الحمايات وغيرها، فلما جرى له ذلك لم يرث له أحد من خلق الله تعالى. - وفيه توفى يونس سر آخورى السلطان، وكان قبل ذلك فى خدمة الأتابكى تمراز الشمسى، وكان حسن السيرة لا بأس به. - وفى يوم الثلاثاء ثامنه جلس السلطان بالميدان وفرّق بقية الأضحية، لكنه شحّ فى هذه السنة وضاقت عينه فقطع ضحايا الزوايا والمزارات التى بالقرافة وغيرها من زوايا الأعاجم، فحصل لهم كسر خاطر بسبب ذلك، ثم إنه رسم لبعض زوايا بالقرافة بصرر فيها دراهم يسيرة مثل مقام الإمام الشافعى والإمام الليث وبعض مزارات بالقرافة، وتوقّف فى البقيّة، ثم قطع ضحايا الفقهاء والمباشرين الذين لهم ضحايا فى الديوان والذخيرة، فقطع أضحية الذخيرة وأبقى الذى فى الديوان، وكانت الأضحية فى هذه السنة فى غاية الغلوّ فى السعر وهى مشحوتة لم يظهر منها شئ بسبب تشويش المماليك على الفلاحين، فقلّ الجالب بسبب ذلك وكانت الأحوال فى هذه السنة غير صالحة. - وفى يوم الخميس عاشره كان عيد النحر، وكان السلطان فى غاية النكد من مماليكه، وكان الأتابكى سودون مسافرا فى إقطاعه وقد هرب من تفرقة الأضحية، وكذلك الأمير تمر الزردكاش، فخرج السلطان وصلّى صلاة العيد فى الجامع، ثم ركب من هناك ودخل الحوش ولم يضحّ فى الإيوان على العادة القديمة، فلما دخل الحوش لم يذبح بيده شيئا فى ذلك اليوم ورسم للأمير مغلباى الزردكاش ويوسف الزردكاش الثانى


(١) جرى: جار.