للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمات هناك. - ثم توجّه منها إلى الطرانة (١) فأقام بها يوما وليلة، ثم نزل بالمنصورية وأرسل يقول للأمير طومان باى الدوادار بأن ينادى فى القاهرة بأن لا أحدا من العسكر يلاقى السلطان إلا إذا نزل بالريدانية فى الوطاق، فامتثلوا ذلك، ثم إن السلطان رحل من المنصورية إلى المنية وعدّى من هناك وحضر إلى الوطاق بالريدانية، وهذا كان من ملخص أخباره فى هذه السرحة. - أقول وكان أول من دخل إلى ثغر الإسكندرية من السلاطين الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون وذلك فى سنة سبع وستين وسبعمائة وكان سبب (٢) دخوله إلى ثغر الإسكندرية أن الفرنج طرقوا الثغر على حين غفلة وملكوا المدينة، فلما جاءت الأخبار بذلك خرج السلطان على جرائد الخيل وصحبته الأتابكى يلبغا العمرى وجماعة من الأمراء، فلما بلغ الفرنج مجئ السلطان رحلوا عن الثغر بعد ما نهبوا المدينة وقتلوا من أهلها ما لا يحصى، فدخل السلطان وردّ الناس إلى المدينة وطمّنهم ورجع بسرعة إلى مصر، ثم دخلها ثانى مرّة فى سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ففى هذه المرة أوكب بها وحملت القبة والطير على رأسه، وكان خليل بن عرّام نائب الإسكندرية ففرش له الشقق الحرير من باب رشيد إلى باب البحر الملح، ونثر على رأسه خفائف الذهب والفضّة وكان له يوم مشهود بالإسكندرية، ثم دخلها من بعد ذلك الملك الناصر فرج بن الملك الظاهر برقوق فى سنة أربع عشرة وثمانمائة فأوكب بها موكبا حافلا وحملت القبّة والطير على رأسه، ومما وقع له أنه لما شق من مدينة الإسكندرية وقف له بعض تجّار المغاربة بقصّة يشكو فيها من جور القبّاض، فلما قرأ تلك القصّة رسم بإبطال ما كان يؤخذ منهم من المكوس المحدثة وكتب لهم بذلك مرسوما شريفا فارتفعت له الأصوات بالدعاء، ثم دخلها من بعد ذلك الأشرف قايتباى فى سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة وأوكب بها وحملت القبّة والطير على رأسه، فلما شقّ المدينة نثر عليه بعض تجار الفرنج البنادقة ألف بندقى ذهب فتزاحمت الناس عليه يلتقطون الذهب


(١) الطرانة: الطرافة.
(٢) سبب: بسبب.