للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهما قلعتا العلماء، وباب مقصد الشرع الشريف، قال السراج الورّاق:

فشيّدها للعلم مدرسة غدا … عراق إليها شيّق وشآم

ولا تذكرن يوما نظاميّة لها … فليس تضاهى ذا النظام نظام

وفى هذه السنة، أعنى سنة تسع وثلاثين وستمائة، فيها أخلع الملك الصالح على الشيخ عزّ الدين عبد العزيز بن عبد السّلام، الملقّب بسلطان العلماء، ، واستقرّ به، قاضى القضاة الشافعية، بالديار المصرية، وكان قاضيا بالوجه القبلى، فنقله الملك الصالح إلى قضاء مصر، فتولّى على كره منه.

قيل لما تولّى الشيخ عزّ الدين، قاضى القضاة بمصر، بلغه أنّ بعض الأمراء عمد إلى مسجد بجوار بيته، وعمل على ظهره طبلخاناة، فأرسل هدم تلك الطبلخاناة، وحكم بإبطالها؛ وكان الذى عمل تلك الطبلخاناة الأمير فخر الدين، أستادار الملك الصالح، فحكم القاضى بإبطال الطبلخاناة، وحكم بعزل الأمير فخر الدين من الأستادارية.

فاتّفق أنّ الملك الصالح أرسل رسولا إلى الخليفة المستعصم بالله ببغداد، فلما وصل إليه الرسول ووقف بين يديه، فقال له الخليفة: «هل سمعت هذه الرسالة من لسان الملك الصالح»؟ فقال الرسول: «لا، ولكن حملها عن لسان السلطان، الأمير فخر الدين، الأستادار»، فقال الخليفة: «إنّ فخر الدين المذكور، بلغنا أنّ قاضى القضاة عزّ الدين بن عبد السّلام حكم بعزله، ونحن لا نقبل هذه الرسالة عن لسان شخص حكم بعزله ابن عبد السّلام».

فرجع الرسول إلى الملك الصالح، وذكر له ما قاله الخليفة، فأخذ الرسالة ثانيا عن لسان الملك الصالح ورجع إلى بغداد، حتى قضى الخليفة حاجته.

ومما وقع له أنّه بلغه أنّ الملك الصالح، استعان ببعض ملوك الفرنج، وأعطاهم مدينة صيدا، وقلعة الشقيف، فأنكر عليه ذلك، وأمر بأن يترك الدعاء له فى الخطبة، وساعده على ذلك الشيخ جمال الدين بن الحاجب المالكى.