للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى موكب مشهود وصحبته سائر الأمراء المقدمين والمباشرين وأعيان الناس واستمر على ذلك حتى دخل إلى داره، وأخلع عليه السلطان فى ذلك اليوم فوقانى أخضر بطرز يلبغاوى عريض، ومشت الأفيال وهى مزينة قدامه فى ذلك الموكب وشقّ من الصليبة. - وفى يوم الثلاثاء ثالث عشرينه توفى الأمير ماماى جوشن أحد الأمراء المقدمين الألوف، وكان رئيسا حشما جميل الهيئة قليل الأذى بين الأمراء، ومات وهو فى عشر الستين، وقيل أصله من مماليك الظاهر خشقدم من كتابيته، واشتراه الأشرف قايتباى من بيت المال وأعتقه فهو من جملة معاتيق الأشرف قايتباى ومن مماليكه، فلما بلغ السلطان وفاته نزل وصلّى عليه وكانت جنازته مشهودة، رحمة الله تعالى عليه. - وفى يوم الثلاثاء المذكور أعلاه كان وفاء النيل المبارك، أوفى بعد الظهر، وعلّق الستر على شباك القصر الذى أنشأه السلطان على بسطة المقياس، وقد أوفى الله الستة عشر ذراعا وأصبعين من سبعة عشر، ووافق ذلك ثانى عشرين مسرى، وقد أبطأ هذا النيل عن نيل السنة الماضية بسبعة أيام، وكانت الناس بسببه فى غاية الاضطراب. - وفى يوم الأربعاء رابع عشرينه الموافق لثالث عشرين مسرى فتح السدّ وكان يوما مشهودا قلّ أن يقع مثله فى الفتك والفرجة، ورسم السلطان للأتابكى سودون العجمى بأن يتوجه ويفتح السدّ على العادة، فكان له فى ذلك اليوم موكب حافل، وأخلع عليه السلطان فوقانى أخضر بطرز يلبغاوى عريض، وحصل للناس غاية الجبر بكسر السدّ فى ذلك اليوم، وقد قيل فى المعنى:

كسر الخليج وكان ذلك نعمة … سرّت قلوب العالمين لبشره

ومن العجائب والغرائب أنه … جبرت قلوب المسلمين لكسره

وقيل فى المعنى:

أرى نيل مصر قد غدا يوم كسره … إذا رام جريا فى الخليج تقنطرا

ولكن بعد الكسر زاد تجبرا … وأفرط هجما فى القرى وتجسّرا