للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووافق أن النيل زاد بعد فتح السدّ بيومين عشرة أصابع فى دفعة واحدة، ثم فى اليوم الثالث من فتح السدّ زاد الله فى النيل المبارك أحد عشر أصبعا فى دفعة واحدة، ثم فى اليوم الخامس من فتح السدّ زاد سبعة أصابع فزاد ستة عشر أصبعا من ثمانية عشر ذراعا وذلك فى أواخر مسرى (١) بعد الوفاء بخمسة أيام، فعدّ ذلك من النوادر. - وفى يوم الاثنين ثامن عشرينه خرج جماعة كثيرة من المماليك السلطانية المعينين (٢) إلى التجريدة، وقد رسم لهم السلطان بأن كل من انتهى شغله يخرج ويسافر قبل الباش، فخرجوا أفواجا أفواجا واستمروا على ذلك فى كل يوم تخرج منهم جماعة بعد جماعة.

وفى رجب كان مستهل الشهر يوم الثلاثاء، فجلس السلطان فى الميدان وطلع إليه الخليفة والقضاة الأربعة يهنّونه بالشهر. - وفى يوم الخميس ثالثه أخلع السلطان على يوسف البدرى الوزير كاملية مخمل أحمر بصمور، وأخلع على القاضى شرف الدين الصغير ناظر الدولة، وعلى مقدّم الدولة، خلع الاستمرار ونزلوا من القلعة فى موكب حفل، حتى رجت لهم القاهرة فى ذلك اليوم. - وفى يوم الخميس المذكور أشيع أن السلطان قبض على جانى بيك الأستادار الذى كان دوادار الأمير طراباى، وكان السلطان ندبه بأن يتكلم فى الأستادارية نيابة عن الأمير طومان باى الدوادار فأخلع عليه، فلما تكلم فى الأستادارية أظهر الظلم والجور وصار لا يراعى من الأنام خليلا، فعادى سائر الأمراء والعسكر قاطبة بسبب الحمايات وأمور البلاد، فكان يرسّم على الأمراء الطبلخانات والعشرات بسبب الحماية، ويرسل الرسل الغلاظ الشداد إلى بيوت الأمراء المقدمين ويطالبهم بالحماية الطلب العسف، حتى ضجّ منه الأمراء والعسكر، فكان يأخذ حماية سنة معجّلا قبل أن يطلع النيل وكذلك الشياخة، وكان السلطان قرّبه أولا وصار لا يقبل فيه شكوى، وكان ذلك من أكبر أسباب الفساد فى حقه، فلا زال بعض أعدائه يتكلمون فى حقه عند السلطان حتى غيروا خاطره عليه بالكلية فأقلب عليه


(١) مسرى: مسترى.
(٢) المعينين: المعنين.