للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكّوه من عنقه حتى مات بأشرّ موتة «وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون» فلما مات فى بيت الوالى حمل إلى داره فغسّل وكفّن ولم يمش له أحد فى جنازة، وفى ذلك عبرة لمن يعقل، وقد قيل فى المعنى:

[ألا إنما الدنيا كمثل أراكة … إذا اخضرّ منها جانب جفّ جانب

هى الدار ما الآمال إلا فجائع … عليها ولا اللذات إلا مصائب

فكم سحنت بالأمس عين قريرة … وقرّت عيون دمعها اليوم ساكب

فلا تكتحل عيناك فيها بعبرة … على ذاهب منها فإنك ذاهب] (١)

وكان سبب نكبة ابن عوض قيل وقع بينه وبين الأمير خاير بيك كاشف الغربية من أجل ابن جميل أحد مشايخ الغربية، فطلع خاير بيك وشكى ابن عوض إلى السلطان، وبالغ فى شكواه حتى غيّر خاطر السلطان عليه، وقيل إن خاير بيك قال: أنا أثبت فى جهة ابن عوض مائة وخمسين ألف دينار (٢). - وفى يوم الخميس المقدم ذكره صنع السلطان وليمة حفلة بالمقياس. واجتمع بها القضاة الأربعة وأعيان الناس من العلماء وغير ذلك، ومدّ هناك الأسمطة الحافلة واجتمع هناك قراء البلد قاطبة والوعاظ وكانت ليلة حفلة، والسلطان كل سنة يصنع مثل ذلك بالمقياس قرب وفاء النيل، وفى سنة عشر وتسعمائة صنع وليمة بالمقياس مثل هذه فزاد الله تعالى فى النيل المبارك تلك الليلة خمسين أصبعا دفعة واحدة، فعدّ ذلك من النوادر. - وفى يوم الاثنين ثانى عشرينه حضر إلى الأبواب الشريفة الأمير طومان باى الدوادار، وكان له مدة وهو مسافر فى الصعيد بسبب ضمّ المغل. - فلما كان يوم الأحد بلغ السلطان وصوله إلى الجيزة فنزل إلى المقياس ولاقاه من هناك، وكذلك قاصد ابن عثمان، فلما طلع إلى القلعة يوم الاثنين المذكور أخلع عليه السلطان خلعة حافلة، ونزل من القلعة


(١) ألا إنما … ذاهب: جاءت فى الأصل بعد «وخمسين» فى سطر ١١.
(٢) ألف دينار: جاءت فى الأصل بعد «جانب» فى سطر ٤.