للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موجوده، وأشيع نفيه إلى دمياط فقيل إن الأتابكى سودون العجمى طلع إلى السلطان وشفع فيه من النفى، ورضى خاطر السلطان عليه واستمرّ على أمرته كما كان. - وفى يوم الجمعة ثانى عشره جاءت الأخبار بأن ابن عثمان أرسل قاصدا آخر مطرّا على جرائد الخيل، فلما وصل إلى الصالحية بات بها تلك الليلة فسرق له من تحت رأسه بقجة فيها قماش القاصد وبعض مبلغ ومن جملة ذلك مطالعة ابن عثمان إلى السلطان، فلما بلغ السلطان ذلك تنكد إلى الغاية وقيل إنه قبض على لحيته من شدة غضبه، وعيّن فى الوقت والساعة بابا إلى شيخ العرب أحمد بن بقر وعلى يده مراسيم بأن يفحص على من أخذ بقجة هذا القاصد من العريان، وإن ضاعت مطالعة ابن عثمان التى فى البقجة كانت روحه قبالة ذلك، فتوجه إليه البابا، وأشيع فيما بعد بأن شيخ العرب قبض على من أخذ بقجة القاصد وأعيد إليه ما سرق له بالتمام من يومه، وقيل إن السلطان حلف بحياة رأسه إن لم يحضر شيخ العرب أحمد بن بقر بهذه البقجة بجميع ما فيها وإلا يوسّط الأمير أحمد فى ثيابه، واستمرّ الأمر على ذلك حتى يظهر أمر البقجة. - ويقرب من هذه الواقعة ما اتفق فى دولة الملك الظاهر جقمق رحمة الله عليه وذلك أن فى سنة ثمان وأربعين وثمانمائة حضر إلى الأبواب الشريفة قاصد من عند شاه روخ بن تمر لنك، فلما حضر أنزله فى مكان بالقرب من بين القصرين، وكان شاه روخ أرسل إلى الملك الظاهر على يد هذا القاصد تقدمة حفلة، فلما طلع القاصد إلى القلعة أدخله السلطان إلى البحرة، فأبطأ عند السلطان، فأشيع فى القلعة أن السلطان قد قبض على القاصد، فنزلت المماليك الجلبان من الطباق وتوجهوا إلى المكان الذى نزل به القاصد فنهبوا كلما كان فيه، والتفّ عليهم السواد الأعظم من الأعوام (١) فلم يبقوا للقاصد شيئا، وأخذوا التقدمة التى كانت للسلطان حتى أخذوا خيوله، [ولما بلغ] الملك الظاهر ذلك نتف لحيته بيده ورسم لحاجب الحجاب وقراجا الوالى بأن يدركوا ردّ الناس عن النهب، فنزلوا من القلعة على حمية فلم


(١) الأعوام، أى العوام.