ومقام إبراهيم، وهدم عدة دور بمكة وغرق فيه من الناس ما لا يحصى، وكان أمرا من الأمور المهولة، وتقدم القول على أن فى دولة الأشرف قايتباى وقع مثل هذا السيل بعينه حتى عام المنبر الذى بالحرم وامتلأت بئر زمزم بالماء وكان أيضا أمرا مهولا. - وفيه رسم السلطان للشهابى أحمد ناظر الجيش المنفصل بأن يطلع إلى الخدمة فى كل يوم اثنين وخميس ويقف فوق ناظر الجيش عبد القادر القصروى، فاستمر على ذلك مواظبا للخدمة وهو منفصل عن نظر الجيش، ولم يعلم ما قصد السلطان بذلك. - وفى يوم الجمعة خامس عشره توفى القاضى رضى الدين الإسحاقى أحد نواب المالكية، وكان موته فجأة، وكان رئيسا حشما من أعيان الناس، وكان لا بأس به فى نوّاب المالكية. - وفى يوم السبت سادس عشره ضرب السلطان الكرة بالميدان، ثم بعد ذلك رسم للأمراء بأن يتخففوا من ثيابهم، ثم دخل هو وإياهم فى البحرة التى فى الميدان وخلى بهم وضربوا مشورة فى أمر التجريدة، فوقع الرأى من الأمراء بأن العسكر يخرج من مصر ويقيم فى حلب حتى يظهر ما يكون بين ابن عثمان والصوفى من الفتن، وأن العسكر لا يدخل بين الفريقين حتى يبدو من أحدهما الغدر إلى عسكر مصر، فأقاموا عند السلطان الأمراء فى هذه المشورة إلى بعد الظهر، وانفضّ المجلس على ما ذكرناه من خروج العسكر من مصر ويقيم بحلب يحصّنها من العدو حتى يكون من هذه الفتنة التى بين ابن عثمان وبين الصوفى ما يكون، فانفضّ المجلس على ذلك. - وفى يوم الثلاثاء تاسع عشره طلع الأمير أقباى الطويل القاصد بتقدمة حفلة إلى السلطان ما بين خيول ومماليك وسلاح وقماش وغير ذلك أشياء فاخرة، وقيل ذهب عين ما يعلم قدره وقد اختلف فيه. - أقول ولما صار شمس الدين بن عوض من جملة الرؤساء لم يخرج عن طبع الفلاحين الذى ربّى عليه، فكانت عمامته عمامة الفلاحين وكلامه كلام الفلاّحين كأنه فلاّح قحف كما جاء من وراء المحراث ولم ينطل فى رياسته، فكان كما يقال: