قام من هناك وتوجه إلى قبّة الأمير يشبك التى بالمطرية فأقام هناك إلى بعد العصر، وركب وعاد إلى القلعة وشقّ من القاهرة ودخل من باب الفتوح فى نفر قليل من العسكر، فلما شقّ من القاهرة ارتفعت له الأصوات بالدعاء وقيل إنه فرّق فى ذلك اليوم نحو مائة دينار وكسور على الفقراء والمساكين والمغانى الذين كانوا صحبته فى القبة، ثم طلع إلى القلعة. - وفى يوم الاثنين حادى عشره كان آخر مضىّ الخماسين، وصادف أن فى ذلك اليوم كان عيد ميكائيل ونزلت النقطة فى ليلة الاثنين، وقد مضت الخماسين على خير ولم يقع فيها الطاعون ولم يدخل إلى مصر، وكانت الناس تلهج بوقوع الطاعون فى هذه السنة ويكون أمرا عظيما، فوقع بعض طعن فى الشرقية وأقام أياما وارتفع ولم يغش أمر الطاعون بمصر. - وفى ليلة الثلاثاء ثانى عشره كانت ليلة سيّدى إسمعيل الإنبابى ﵁، وكانت من الليالى المشهودة وخرجت فيها الناس عن الحدّ فى القصف والفرجة، وضرب فى الجزيرة التى ببولاق تجاه الرصيف فوق الخمسمائة خيمة، وكانت الناس فى أمن ورخاء، وكان فى الرمل سوق حافل بدكاكين مبنيّة ونقلوا إليها أفخر البضائع، وكثر هناك البيع والشرى على المتفرجين. - وفى يوم الخميس رابع عشره حضر إلى الأبواب الشريفة الأمير أقباى الطويل أمير آخور ثانى الذى كان توجّه قاصدا إلى ابن عثمان ملك الروم، فلما طلع وقابل السلطان أخلع عليه كاملة حافلة بصمور ونزل فى موكب مشهود، وحصل له جملة تقادم عظيمة من ابن عثمان ومن النوّاب ما بين مال وخيول ومماليك وقماش وغير ذلك. - وفيه وقعت مرافعة مهولة بين الزينى بركات بن موسى وبين أحمد بن الصايغ؛ وقصد ابن الصايغ أن يتسلم الزينى بركات بن موسى [على] ثلاثين ألف دينار، واستمرّت هذه المرافعة عمّالة بينهما حتى يكون من أمرهما ما سنذكره فى موضعه. - وفيه جاءت الأخبار من مكة المشرفة بأن فى حادى عشر صفر وقع سيل عظيم حتى دخل إلى الحرم، ووصل الماء إلى عتبة البيت الشريف وغطى الحجر الأسود