للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على السلطان مطالعة ابن عثمان أشيع بين الناس أن ابن عثمان يقصد أن يمشى على شاه إسمعيل الصوفى (١) صاحب العراقين، فأرسل يعلم السلطان بذلك وأن يكون هو والسلطان أمرا واحدا وقولا جازما على الصوفى (١) حتى يكون من أمره ما يكون. - وفى ذلك اليوم توفى الخواجا شمس الدين محمد الحليبى وكان من أعيان التجار فى سعة من المال، ولكن جرى عليه شدائد ومحنا فى أواخر عمره، وصودر وأخذ ماله غير ما مرّة، وقد تقدم القول بما وقع له مع السلطان من المصادرات ودخوله إلى المقشرة وهو فى الحديد وأقام بها مدّة، وكان السلطان قصد أن يثبت عليه كفرا ويضرب عنقه وقد تقدم سبب ذلك فى موضعه، وقد مات قهرا مما وقع له. - وفيه توفى صاحبنا أبو الفضل الذى كان متحدثا فى نظر المواريث، وكان ليّن الجانب عشير الناس، وكان لا بأس به، ومات والناس عنه راضية. - وفى يوم السبت خامس عشرينه نزل السلطان إلى الميدان وعزم على قاصد ابن عثمان وأضافه وأخلع عليه، وأذن له بالعودة إلى بلاده وكتب له الجواب عن مطالعته. - وفى هذه الأيام اشتد أمر الحرّ، فأقام السلطان فى الميدان أربعة أيام بلياليها وهو فى أرغد عيش، وأطلق الماء فى البحرة التى بالميدان، وصار يمدّ السماط هناك ويأكل هو وأخصّائه فشقّ ذلك على بقية مماليكه، فلما نزلوا إليه بالسماط خطفوه وكسروا الصحون الصينى، فلما بلغ السلطان ذلك تنكد وقام من وقته وطلع إلى الدهيشة، وكان قصده الإقامة فى الميدان إلى يوم الجمعة فنكّدوا عليه المماليك.

وفى ربيع الآخر كان مستهلّ الشهر يوم الجمعة، فطلع الخليفة والقضاة الأربعة وهنّوا بالشهر. - وفى يوم الاثنين رابعه حضر الأمير أرزمك الناشف أحد المقدمين، وكان له مدّة وهو مقيم بالفيوم بسبب عمارة الجسر الذى هناك كما تقدم ذكر ذلك، فلما كمل عمارته حضر إلى القاهرة فأخلع عليه السلطان كاملة حفلة بصمور ونزل إلى داره وصحبته جماعة من الأمراء. - وفى يوم الثلاثاء


(١) الصوفى: الصوف.