وجاء الأمر إلى سلامة ولله الحمد، ولو فعلوا ذلك لطلع ذلك من أيديهم وما كان تنتطح فى ذلك شاتان، ولكن الله سلم. - وفى يوم الاثنين ثامن عشرينه طلع الجناب الشرفى يونس ولد الأتابكى سودون العجمى إلى القلعة، فأخلع عليه السلطان كاملية مخمل أحمر بصمور من ملابيسه، فنزل من القلعة فى موكب حافل وقدّامه سائر الأمراء من الأكابر والأصاغر، وزيّنت له دكاكين حارته عند قنطرة سنقر، وكان سبب ذلك أن الشرفى يونس كان مرض مرضا عظيما حتى أشرف فيه على الموت، ثم بعد ذلك بعث الله تعالى له بالشفاء فشفى من ذلك العارض وطلع إلى القلعة، وكان له يوم مشهود، وكان قبل ذلك أنعم عليه السلطان بأمرة عشرة وصار من جملة الأمراء العشرات. - وفى ذلك اليوم نفق السلطان الجامكية على عسكر الطبقة الخامسة، وحدث فى ذلك اليوم نادرة غريبة وهو أن المماليك الأجلاب وقفوا فى الحوش وصاروا كل من قبض الجامكية من عسكر الطبقة الخامسة يأخذون منه أشرفيا من الجامكية ويقولون له: نشرب به أقسمة، فيأخذون منه الأشرفى طوعا أو كرها، فحصل لعسكر الطبقة الخامسة فى ذلك اليوم من المماليك الجلبان غاية البهدلة وما قدر السلطان على منعهم من ذلك، وصاروا يخطفون الجامكية من يدى من يقبضها فمنهم من يأخذ منها أشرفيا ويعيد الباقى إلى أصحابه، ومنهم [من] يأخذ الجامكية كلها ويهرب، فأعيى أمرهم الرؤوس النوب، وحصل فى ذلك اليوم غاية الضرر لعسكر الطبقة الخامسة.
وفى ربيع الأول كان مستهل الشهر يوم الأربعاء، فطلع الخليفة والقضاة الأربعة للهنئة بالشهر، واتفق فى ذلك اليوم كان أول بشنس من الشهور القبطية فوافق أن الشهر العربى والقبطى كانا فى يوم واحد، فعدّ ذلك من النوادر. - وفى يوم الخميس ثانيه أخلع السلطان على القاضى شرف الدين الصغير وأعاده إلى نظر الدولة وكتابة المماليك كما كان (١) أولا، وجعل له التكلم فى ثلث الوزارة مع يوسف البدرى المتولى للوزارة، فتضاعفت عظمة القاضى شرف الدين الصغير