للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا سيما ما جدده السلطان من العسكر فى الطبقة الخامسة، فانشحتت الدواوين من الجوامك واللحوم والعليق بسبب ذلك. - وفى يوم الاثنين حادى عشرينه كان أول الخماسين وهو يوم عيد النصارى وفطر [هم]. - وفى يوم الأحد عشرينه جلس السلطان على المصطبة التى بالحوش، وأحضر الوزير يوسف البدرى ومباشرى الديوان، وأحضر المعاملين والطباخين فعملوا حسابهم بحضرة السلطان، فظهر لهم مال له جرم منكسر فى الديوان، فرسم على المباشرين بجامع القلعة وأقام فى عمل حسابهم إلى بعد الظهر، وكان ذلك اليوم فى غاية النكد، هذا والمماليك قائمة عند حظوظ أنفسهم، وقد أشيع بين الناس أمر الركوب على السلطان، وقيل إن السلطان أحضر بعد العصر جماعة من أعيان خاصكيته وعتبهم على هذه الأفعال الشنيعة فأغلظ عليه بعض الخاصكية وقال له: أنت الذى أشحت الدواوين بهذا العسكر الكثير الذى جمعته وجعلت له طبقة خامسة وقطعت جوامك الأيتام والنساء بسببهم وهم ما بين تراكمة وأعجام وسويخاتة وأساكفة وأولاد ناس ملفّقين شئ خياط وشئ بخانقى، فقال لهم: أنا ما جعلت ذلك العسكر المستجدّ إلا أن يكون فداء لكم فى الأسفار والتجاريد، فقالوا له المماليك:

هذا ما كان طريقة الملك الأشرف قايتباى وأنت الذى أشحت الدواوين حتى صار اللحم ينكسر خمسة أشهر وكذلك العليق يعطوه لنا من الشون قمح مسوّس ما تأكله الخيل والجامكية التى تعطيها لنا ما تكفانا لكراء بيت واسطبل وجامكية الغلام ولكسوتنا والقماش كله غالى حتى الخام ما يوجد والأقسمة صارت غالية كل جرة بنصفين فضة فما نشبع فى أيامك لا من اللحم ولا من الأقسمة ونحن جياعة عراية، فسكت السلطان ساعة ثم قال: لكم الرضا أصرف لكم اللحم المكسور وكذلك العليق أصرفه لكم شعير مغربل وأجعل لكم الأقسمة كل جرة بنصف فضة، فارتفعت له الأصوات بالدعاء وانصرفوا من بين يديه وهم شاكرون وخمدت تلك الفتنة قليلا، وكانت المماليك الأجلاب عوّلوا على نهب بيوت الأمراء والمباشرين ونهب أسواق القاهرة والدكاكين وحرق البيوت، فلطف الله تعالى