وعليه سلارى صوف أبيض بوجه صوف أخضر، فشقّ القاهرة فى ذلك الموكب وكان له يوم مشهود، وارتفعت الأصوات له بالدعاء، فطلع من على سويقة العزى من على مدرسة السلطان حسن وشقّ الرملة ثم دخل من باب الميدان بعد أن سلّم على القضاة والأمراء وانفضّ ذلك الموكب، فكانت مدّة غيبته فى هذه السفرة ذهابا وإيابا ثمانية أيام منها إقامته فى السويس ثلاثة أيام. - وفى يوم الاثنين رابع عشره جلس السلطان بالميدان جلوسا عامّا وحكم بين الناس إلى قريب الظهر، وكان له مدّة طويلة لم يحكم بين الناس من قبل أن يتوجه إلى السويس. - وفى ذلك اليوم رسم بتوسيط شخصين من الغلمان قد سرقوا زرديتين لأستاذ بينهما فى هذه السفرة، فوسطهما فى الرملة عند سوق الخيل. - وفى يوم السبت تاسع عشره فيه ثارت فتنة كبيرة بالقلعة من المماليك الأجلاب، ومنعوا الأمراء من الطلوع إلى القلعة، ونهبوا الدكاكين التى فى خرائب التتر، ونزلوا إلى بيت الأمير طومان باى الدوادار وأركبوه من بيته غصبا وطلعوا به إلى القلعة وقالوا له: قل للسلطان ينفق علينا كما نفق على الأمراء الذين سافروا صحبته إلى السويس، فاستمرت المماليك ثائرة بالقلعة وكثر القال والقيل بين الناس بسبب ذلك، وأغلقوا باب السلسلة وباب الميدان فى ذلك اليوم، وكان العسكر قاطبة له أربعة أشهر لم يصرف لهم فيها لحم ولا عليق، ثم إن السلطان نادى للعسكر بأن من كان له عليق مكسور أو لحم مكسور يطلع إلى القلعة يوم الاثنين فيصرف له ذلك، فلما كان الاثنين طلع العسكر قاطبة فلم يصرف لهم سوى العليق فقط واستمرّ اللحم موقوفا، وكان ديوان المفرد فى تلك الأيام فى غاية الانشحات، والوزير يوسف البدرى مع المماليك فى غاية الذلّ وهو مهدّد منهم بالقتل فى كل يوم، وكان السلطان أخرج عن ديوان الوزارة عدة جهات كانوا توسعة فى الديوان منهم جهات قطيا وغير ذلك من الجهات، فأنعم بجهات قطيا على الأمير قانصوه روح لو واستمرّ مقيما هناك على تقدمته، فانشحت الديوان إلى الغاية بسبب ذلك، وكان العسكر كثيرا