للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحبته الصنجق السلطانى والكوسات والطبول والزمور، وأخذ صحبته محفّة بغشى أطلس أصفر وطلبا حربيا، ورسم للعسكر الذين صحبته بأن يأخذوا معهم اللبس الكامل من زرديات وبركستوانات وخوذ وغير ذلك من آلة السلاح، فلما تحقّق العسكر خروج السلطان ماجت القاهرة لخروجه وتكالب العسكر على مشترى قرب وبقسماط وغير ذلك من احتياج السفر، ولم يعهد قطّ من سلطان أنه خرج إلى السويس وسافر على هذا الوجه، ولما كان السلطان فى الوطاق أخلع على شخص من الأمراء العشرات يقال له جانى بيك قرا فقرره باش المجاورين بمكة (١)، ولما نزل السلطان من القلعة شق من بين الترب حتى نزل بالوطاق، فرسم للوالى بأن يشهر المناداة فى القاهرة عن لسان السلطان بأن لا مملوكا ولا ابن ناس ولا غلاما ولا عبدا يخرج من داره من بعد المغرب وأن لا أحدا يمشى بسلاح ولا مملوكا يغطّى له وجه ولا يعبث على متسبّب، فلما أشهر النداء بذلك ارتفعت الأصوات له بالدعاء، فصار الوالى يكرّر هذه المناداة فى القاهرة ثلاثة أيام متوالية.

وفى صفر كان مستهل الشهر يوم الثلاثاء، وكان السلطان مقيما بالوطاق فتوجه إليه الخليفة والقضاة الأربعة للتهنئة بالشهر، فبالغ السلطان فى إكرامهم، ولا سيما أمير المؤمنين المتوكل على الله، فإن فى ذلك اليوم توجه أبو بكر وأخوه أحمد أولاد سيدى خليل ابن عمّ الخليفة الذى توفى فرافعوا أمير المؤمنين المتوكل عند السلطان بسبب المرتّب الذى كان لوالدهم خليل، فإن الخليفة المتوكل لما ولى الخلافة زاد فى مرتّب سيدى خليل حتى قطع بذلك لسانه عنه، فلما توفى سيدى خليل قرّر الخليفة ما كان زاده فى مرتّب سيدى خليل لولده سيدى هرون، فلما سمع السلطان كلام أولاد سيدى خليل تعصّب للخليفة ونهر أولاد سيدى خليل وقال لهما: إذا زاد فى معلوم أبوكم شئ حى قطع به لسانه عنه فلما مات أقول له اجعل الذى زدنه لخليل من بعده لأولاده أنا أحكم عليه فى شيّه اخرجوا عنى لا ترونى وجوهكم قط، ثم قال، والله إن يرجع أحد منكما


(١) «باش المجاورين بمكة» انظر ما سبق ذكره عن ذلك ص ٣٦١ س ١٩ و ٢٠.