يشكو من الخليفة عندى ما يحصل له معى خير اخرجوا من وجهى نزّقتونى، وكان الذى بالغ فى مرافعة الخليفة أبو بكر بن سيدى خليل وأخوه أحمد، ثم قال لهما: كونوا كلّكم تحت طاعة ابن عمّ أبيكم، فخرجا من بين يديه وهما يتعثّران فى أذيالهما، ونصر الخليفة المتوكل عليهما، وقرّر الخليفة ما كان زاده لخليل وجعله لابنه هرون، ولم يطلع من يد أولاد خليل فى حقّ الخليفة شئ وانتصف عليهما، ورجع الخليفة من عند السلطان وهو فى غاية العزّ والعظمة، ثم إن السلطان أقام بالوطاق إلى يوم الأربعاء ثانى الشهر، فرحل من الريدانية بعد الظهر وتوجه إلى الخانكاه فتعشّى هناك، ثم رحل وقصد التوجه إلى نحو السويس، ورجع بقيّة الأمراء الذين لم يسافروا مع السلطان، فلما رحل من الخانكاه جاءت الأخبار بأن الماء الذى حمله السلطان معه فى القرب قد فسد جميعه من القرب كونها كانت جديدة فصار الماء أحمر كالدم ونتن ودوّد، وكان السلطان حمل معه نحو ثلاثة آلاف قربة، ففسد ذلك الماء جميعه. - فلما كان يوم الجمعة رابعه أرسل السلطان إلى الأمير خاير بيك الخازندار والزينى بركات ابن موسى المحتسب بأن يرسلا إليه جمال السقايين بالروايا والماء، فعند ذلك قبض الزينى بركات بن موسى على جمال السقايين الذين بالقاهرة فاختفوا بقيّة السقّايين واخفوا الجمال، فعند ذلك ماجت القاهرة واضطربت لأجل منع الماء واشتد عطش الناس، وصار الأمراء والعسكر الذين بالقاهرة ينقلون الماء فى الجرر على ظهور الخيل والبغال، وبقية الناس ينقلون الماء بالجرر على ظهور الحمير، واستمرّت القاهرة أربعة أيام لم يلح بها راوية ماء على جمل وقبض الزينى بركات بن موسى على نحو مائة وعشرين جملا برواياها وأرسلها إلى السلطان، فبلغ بعد ذلك سعر كل قربة ماء نصفين فضة ولا توجد، وصار الناس يشربون من الصهاريج والآبار العذبة فى مدّة ذلك الاضطراب، وقد قلت فى هذه الواقعة