للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى الحديد حتى يستخلص منه المال الذى ضمن فيه علم الدين، وقيل إن شرف الدين ابن روق لما عرضوه على السلطان فكلمه بكلام فاحش حتى حنق منه السلطان وقصد أن يوقع فيه فعلا ويتلفه، فلم يتمّ له ذلك. - وفى يوم الأربعاء رابع عشره توفى القاضى شرف الدين يحيى الأنصارى نقيب قاضى القضاة الحنفى، وكان من أعيان نوّاب الحنفية، وكان لا بأس به. - وفى هذا الشهر تزايد أمر الطاعون وفتك فى المماليك وفى العبيد والجوار والأطفال والغرباء، وصار يوما يزيد ويوما ينقص، وتناهت ورقة التعريف فى هذا الشهر بعدّة من يموت فى كل يوم، فبلغت إلى ثلاثمائة وخمسة وستين إنسانا ممن يرد التعريف، والعادة فى الفصول الكبار أن الواحد من التعريف بعشرة ممن لا يرد التعريف، فلما تزايد أمر الموت فتحت مغاسل السبيل على جارى العادة فى الفصول المتقدمة. - ومما أحدثه السلطان من أبواب المظالم فى هذا الفصل أنه رسم للأمير مغلباى الزردكاش بأن يأخذ من موجود من يموت من المماليك السلطانية ممن له جامكية، فيرسّم على وصىّ الميت حتى يحضر بسيف مسقّط بفضة وزردية وخوذة وتركاش، فصار الزردكاش يرسّم على زوجة المملوك الذى يموت حتى يأخذ منها ما ذكرناه، ثم رسم للأمير آخور كبير بأن يأخذ ممن يموت من المماليك ممن له جامكية وعليق فيأخذ من وصيّه فرسين أو ثمنهما، والخاصكى ثلاثة رؤوس (١) خيل وبغلة، وأصحاب الوظائف ممن يموت منهم فيأخذ من وصيّه خمسة رؤوس (١) خيل وبغلة، فيرسّم على الوصىّ وزوجة الميّت حتى يأخذ منهما ما ذكرناه؛ وما هو أعظم من هذا كله أنه رسم إلى ألماس دوادار سكين بأن يأخذ ممن يموت من مماليكه الأجلاب خمسون دينارا، وهى النفقة التى كان قد نفقها عليهم، ويأخذ من الجمدار عشرين دينارا، فأطلق فى أوصياء (٢) المماليك النار وصاروا يمتنعون من الوصية، فما طاق العسكر ذلك وكادت أن تنشأ (٣) من ذلك فتنة كبيرة، فأقام الحال على ذلك أياما ثم رجع عن بعض شئ من ذلك، وهذا الأمر لم يقع قط من ملك


(١) رؤوس: ارؤس.
(٢) أوصياء: أوصية.
(٣) تنشأ: ينتشى.