للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبله ولا أحدث هذه المظلمة؛ فلما تزايد أمر الموت رسم السلطان بشيل الدكك التى على أبواب الحكّام، ومنع النقباء قاطبة من على أبواب الأمراء أرباب الوظائف، ووقع له أيضا مثل ذلك فى سنة عشر وتسعمائة لما وقع فيها الطاعون فرسم بشيل الدكك ومنع النقباء قاطبة، وهذا ثالث فصل وقع فى أيامه فإن الطعن وقع فى أيامه سنة تسع وتسعمائة، وكان خفيفا جدا وتناهت فيه ورقة التعريف إلى مائة إنسان ممن يرد التعريف، ثم اختفى الطعن وغاب ثمانية أشهر وظهر فى سنة عشر (١) وتسعمائة وتناهت فيه ورقة التعريف إلى أربعمائة وخمسة عشر إنسانا (٢) ممن يرد التعريف، ثم وقع الطاعون فى أيامه فى هذه السنة وهى سنة تسع عشرة وتسعمائة، ومن العجائب أن هذه الطواعين التى ذكرناها يستمر الطعن فيها عمالا حتى تنزل النقطة ويزيد النيل، وقد تناهت فيه ورقة التعريف إلى ثلاثمائة وخمسة وستين إنسانا ممن يريد التعريف، انتهى ذلك. - وفى يوم الأربعاء المقدم ذكره نزل السلطان وتوجه إلى العمارة التى أنشأها فى المطرية وكشف عليها، ثم عاد ودخل من باب النصر وشق من القاهرة، ثم طلع إلى مدرسته وكشف عن القبة التى بها، وقد تقدّم القول على أنها قد تشققت وآلت إلى السقوط فأمر بهدمها عن آخرها، وقد رممها ثلاث مرار ولم يفد من ذلك شيئا، فلما شق السلطان من القاهرة أسمعته العوام الكلام بسبب تشحيط الخبز وغلو الدقيق، وكان القمح الجديد قد وصل وأشيع بين الناس أن السلطان بيشرّى (٣) القمح ويرسله إلى الشام فإنه كان بها غلاء عظيم، حتى قيل وصل فيها كل أردب قمح إلى سبعة أشرفية، وكذلك حلب أيضا، فكان يشترى القمح من مصر ويرسله إلى البلاد الشامية، فانشحطت القاهرة من الخبز والدقيق بسبب ذلك وكادت أن تكون غلوة مع وجود القمح الجديد، فلما شقّ السلطان من القاهرة تسيبت عليه العوام بالكلام المنكى وقالوا له جهارا: الله


(١) عشر: تسع.
(٢) أربعمائة وخمسة عشر إنسانا: أربعة ماية وخمسة عشرة إنسان.
(٣) بيشترى، يعنى: يشترى.