بالمدرسة الصالحية، وحضر قاضى القضاة الشافعى كمال الدين الطويل وقاضى القضاة الحنفى عبد البر بن الشحنة وقاضى القضاة المالكى محيى الدين يحيى بن الدميرى، وكان هذا العقد المجلس بسبب شرف الدين بن روق، ومن ملخّص واقعته أنه كان رجلا أهوج، وعنده خفة ورهج، وكان السلطان حاططا عليه بسبب علم الدين الذى كان متحدّثا على الخزانة وقد تقدّم القول على ذلك، وكان شرف الدين بن روق صهر علم الدين زوج أخته، فلما جرى لعلم الدين ما تقدم ذكره فضمنه شرف الدين بن روق فى ما تأخر عليه من المال الذى قرّره عليه السلطان، فلما مات علم الدين رسّم السلطان على ابن روق وطالبه بما على علم الدين وجرى على ابن روق بسبب ذلك شدائد ومحنا يطول شرحها، ثم إن ابن روق وقع من لسانه بكلمات فاحشة فى حق قضاة العصر وغيرهم من الناس حتى قيل عنه إنه قال: لم أستكمل الآن أحدا من القضاة ولا غيرهم بأن أصلّى خلفه، فضبطوا عليه ذلك، فلما أحضروه فى المدرسة الصالحية ففجر على قاضى القضاة الحنفى عبد البر بن الشحنة وعلى قاضى القضاة المالكى يحيى بن الدميرى، وكان شرف الدين بن روق من أهل العلم والفضل بارعا فى أصول الدين، فلما أفحش فى حق عبد البر بن الشحنة، فعزره قاضى القضاة الشافعى كمال الدين الطويل، وسطحه على ظهره فى وسط المدرسة الصالحيّة، وضربه على رجليه بعض عصيات بسبب إساءته على قاضى القضاة عبد البر، فلما جرى ذلك كادت العوام أن ترجم عبد البر بن الشحنة وتعصّبوا إلى ابن روق، ثم انفض ذلك المجلس مانعا، وكان السلطان قائما فى أن يثبت على ابن روق كفرا ويضرب عنقه فلم يتمّ له ذلك، وكان قاضى القضاة الشافعى كمال الدين الطويل قائما فى الباطن مع ابن روق، فلما بلغ السلطان ذلك مقت القاضى الشافعى بسبب أنه لم يوافق على إتلاف ابن روق، فلما انفض المجلس من الصالحية تسلم القاضى بركات المحتسب ابن روق ومضى به إلى بيته ليعاقبه، فوضعه فى الحديد وحصل له غاية البهدلة فى ذلك اليوم، حتى قيل إن ابن موسى ضربه فوق المائة عصاة، واستمرّ عنده